تستعد
الصين لتنظيم تصدير المعادن الأرضية النادرة وغيرها من المواد الحساسة إلى
الولايات المتحدة من خلال نظام رقابي جديد، في خطوة وصفت بأنها "الضربة القاضية الصينية" للجيش الأمريكي.
وتستخدم هذه المعادن على نطاق واسع في الصناعات المدنية، مثل المركبات الكهربائية وطائرات الركاب، لكنها تعد في الوقت ذاته عنصرا أساسياً في تصنيع الطائرات المقاتلة والغواصات والطائرات المسيرة، ويتوقع أن تلحق الخطوة الصينية ضررا بالغا بالمؤسسة العسكرية الأمريكية في حال تنفيذها بالكامل.
ونقلت "معاريف" عن صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن بكين تخطط لاعتماد نظام يُعرف باسم "المستخدم النهائي المتحقق منه" (VEU)، يهدف إلى مراقبة الشركات الأمريكية المستوردة المرتبطة بالجيش، مع تسهيل تصدير المواد للشركات المدنية الأخرى.
وسيمكن هذا النظام الرئيس الصيني شي جين بينغ من الوفاء بتعهده للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتبسيط تصدير المواد النادرة، مع ضمان عدم وصولها إلى الموردين العسكريين الأمريكيين، وهو ما يشكل مصدر قلق رئيسي لبكين.
وأوضح التقرير أن هذا النظام، المستند في آليته إلى القوانين الأمريكية، سيجعل من الصعب على الشركات العاملة في مجالي السيارات والطيران، التي تتعامل مع عملاء مدنيين وعسكريين في آن واحد، استيراد بعض المواد الصينية.
كما أشار إلى أن بكين قد تجري تعديلات على الخطة، مضيفاً أن نظام VEU الأمريكي المعمول به منذ عام 2007 يسمح لبعض الشركات الصينية بشراء سلع حساسة عبر إجراءات مبسطة.
وجاءت هذه التطورات في ظل الحرب التجارية المتصاعدة بين واشنطن وبكين، إذ استخدمت الصين منذ نيسان/أبريل القيود المفروضة على صادرات المغناطيسات القوية للضغط على الولايات المتحدة وانتزاع تنازلات منها.
وبعد الهدنة التي أُعلنت بين ترامب وشي في 30 تشرين الأول/أكتوبر، تعهدت بكين بإصدار تراخيص عامة لتسهيل تدفق المواد، غير أن القيود استمرت عملياً على بعض الاستخدامات غير المدنية، حيث تراجعت صادرات المغناطيس إلى الولايات المتحدة في أيلول/سبتمبر بنسبة 29% مقارنة بالشهر السابق.
وأشار التقرير إلى أن التنافس على الموارد الاستراتيجية بات يمثل جبهة جديدة في "حرب
الذكاء الاصطناعي الباردة" بين القوتين العظميين.
ونقلت "وول ستريت جورنال" أن القيادة الصينية تشعر بالإحباط من هيمنة الشركات الأمريكية مثل OpenAI وGoogle على قطاع الذكاء الاصطناعي الإبداعي.
وأوضح التقرير أنه مع بداية عام 2024، لجأت العديد من الشركات الصينية إلى نماذج "ميتا" مفتوحة المصدر، بينما هددت القيود الأمريكية على تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي المتقدمة بإضعاف الصين تكنولوجيا.
وردا على ذلك، صعدت بكين خلال ربيع العام نفسه من دعمها الصناعي عبر تخفيف القيود وضخ التمويل، لتتمكن شركة "ديب سيك" الصينية بعد تسعة أشهر من تطوير نموذج ذكاء اصطناعي متقدم جذب اهتمام وادي السيليكون.
ونقلت الصحيفة عن رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ قوله: "أخيرا، أصبح لدى الصين نموذج تفخر به".
وختم التقرير بأن هذا السباق المتسارع، المدفوع بمزيج من الخوف والطموح من كلا الجانبين، قد يعيد تشكيل المشهد الصناعي والتقني والجيوسياسي العالمي، في ظل قلق واشنطن من "الذكاء الاصطناعي الاستبدادي" الصيني، ومخاوف بكين من أن تستخدم الولايات المتحدة تفوقها التكنولوجي لإعاقة صعودها كقوة عالمية.