ملفات وتقارير

إسقاط مقاتلة روسية ومقتل عشرات الجنود.. هل يشكل تحولا في مسار المعارك بمالي؟

مالي: الجيش يعلن إلحاق هزيمتين بالجبهة الأزوادية  - وكالة الأناضول
مالي: الجيش يعلن إلحاق هزيمتين بالجبهة الأزوادية - وكالة الأناضول
شكل الهجوم القوي الذي شنته الحركات الأزوادية قبل يومين بمناطق شمال مالي وأسفر عن إسقاط طائرة روسية ومقتل عشرات الجنود الماليين والروس، تطورا لافتا في مسار المعارك بمالي.

فقد شنت "جبهة تحرير أزواد" (الطوارق) قبل أيام هجوما واسعا استهدف الجيش المالي وقوات "الفيلق الأفريقي الروسي".

وقالت "جبهة تحرير أزواد" في بيان وصلت نسخة منه لـ"عربي21" إن مقاتليها تمكنوا من إلحاق "هزيمة مدوية بالجيش المالي وقوات الفيلق الأفريقي الروسي" في منطقة "أغيلهوك" بشمال البلاد.

وقالت الجبهة، إن الهجوم مكن من مقتل عشرات الجنوب الماليين والروس، بالإضافة إلى سقوط جرحى بإصابات خطيرة، وذلك خلال عملية هجومية واسعة استهدفت رتلا عسكريا تابعا لتحالف الجيش المالي، و "الفيلق الإفريقي" على الطريق الرابط بين أغلهوك وأنفيف.


15 جثة في ساحة المعركة

وأشارت الجبهة إلى أن الفيلق الإفريقي ترك نحو خمسة عشر جثة ملقاة في ساحة المعركة، مضيفة أنها تمكنت من تدمير 21 آلية عسكرية متنوعة، منها مدرعات، وشاحنات نقل، وسيارات رباعية الدفع مسلحة، وناقلات دبابات. 

وأكدت الجبهة أنها استولت خلال الهجوم على معدات حربية، بينها مدرعة واحدة، وسيارة رباعية الدفع، و12 شاحنة، وجرافة، حفّارة هيدروليكية، وصهريجين للوقود، وأسلحة ثقيلة وخفيفة، وطائرات مسيّرة، وذخائر، وأجهزة اتصال، ووثائق عسكرية حساسة. 

وأشارت إلى أن العملية التي وصفتها بالبطولية جاءت في إطار مواصلتها والتزامها الثابت بتحرير كامل تراب أزواد، والدفاع عن شعب أزواد في وجه "الانتهاكات المتكررة التي ترتكبها القوات المالية وحلفاؤها الأجانب".

اظهار أخبار متعلقة


إسقاط مقاتلة روسية 
وأعلنت جبهة أزواد أنها تمكنت ضمن هجوما الواسع من إصابة طائرة حربية تابعة لسلاح الجو المالي "بدقة" أثناء محاولتها استهداف إحدى دورياتها، مما أجبر الطائرة على العودة إلى قاعدة غاو الجوية، بعد أن أسقطت قنابلها دون أن تسبب أي خسائر بشرية أو مادية، قبل أن تتحطم لاحقا في نهر النيجر قرب مدينة غاو.

وأوضح البيان أنه "تم إنقاذ طيّارَيْن، وكلاهما من الجنسية الروسية، وكانا مصابين بجروح بليغة من قبل صيادين محليين باستخدام زوارق تقليدية".

وفيما اكتفت الجبهة بالقول إن الطائرة كان يقودها طياران روسيا، أفادت وسائل إعلام بأن الطائرة التي استهدفها المقاتلون الطوارق، هي طائرة روسية من نوع "سوخوي 25" كانت في مهمة هجومية للجيش المالي أو للفيلق الإفريقي.

تحقيق للجيش المالي 
وقد أعلن الجيش المالي أنه فتح تحقيقا في الحادثة، متحدثا عن "هبوط اضطراري في نهر غاو لطائرة مقاتلة "لدى عودتها من مهمة دعم للقوات المسلحة المالية في مسرح العمليات متحدثا عن تدهور مفاجئ للأحوال الجوية مع عواصف رملية قوية وقت وقوع الحادث. 

وقال الجيش المالي في بيان، إنه تم إنقاذ الطيّارَيْن "وهما بصحة جيدة، ويتلقيان الرعاية اللازمة في المرافق الصحية بالمنطقة العسكرية"، مشيرا إلى أن "الطائرة تعرضت لأضرار بالغة". 

وأكد الجيش المالي أنه شن هجوما "على جماعة مسلحة متحصنة في أنومالان، وهي بلدة تقع على بعد حوالي 40 كيلومتر شمالي أغيلهوك"، ما أدى إلى مقتل 10 مسلحين أزواديين "بعضهم يقوده النقيب المنشق يوسوف أغ بوشارة".

اظهار أخبار متعلقة


ارتباك للقوات الروسية 
وفي وقت اعتبر فيه بعض المتابعين أن نتائج الهجوم الذي شنته الحركات الأزوادية على الجيش المالي ومساعديه الروس، شكل منعطفا جديدا ونقلة نوعية في أدوات إدارة المعركة، اعتبر آخرون أن تأثيره محدود على سير المعارك بشكل عام. 

وقال الخبير المختص في الشؤون الأفريقية، محفوظ ولد السالك، إن هجمات الحركات الأزوادية خاطفة، وبالتالي تأثيرها محدود على الجيش ومساعديه من الفيلق الإفريقي.

وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن التحدي الأبرز هو الذي تمثله الجماعات المسلحة ممثلة في "نصرة الإسلام والمسلمين" الناشطة بقوة في شمال وشرق البلاد، لأنها تتسم بالاستمرار وتسارع الوتيرة، وتعدد المناطق المستهدفة كذلك.

واعتبر أن الحركات الأزوادية استفادت في هجماتها الأخيرة من السياق العام الداخلي، المتعلق بخروج "فاغنر" وتسلم الفيلق الإفريقي المشعل، وهذا شكل ارتباكا للقوات الروسية، التي لا تعرف في الأصل المنطقة، وتضاريسها، وطبيعة القتال فيها.

وأضاف: "هذا عامل ضعف سيظل قائما، ولكن مع الوقت سيتضاءل الاستهداف من خلال تقليل تحرك عناصر الفيلق في مناطق حضور العناصر الأزوادية، وهو ما حصل من قبل مع "فاغنر" مشيرا إلى أنه منذ معارك "تينزواتين" التي وقعت في تموز/ يوليو 2024، وتكبدت فيها القوات المالية والروسية خسائر كبيرة، لم يحصل هجوم كبير ضد هذه القوات.

وأكد أن الهجمات الأزوادية "تطبعها المحدودية زمانيا ومكانيا، ومن الممكن تفاديها، ولا يكون لها تأثير لا على الجيش ومساعديه الروس، ولا على النظام الحاكم".

دعم جزائري محتمل

ولم يستبعد ولد السالك أن تكون الجزائر قد قدمت دعما كبيرا للحركات الأزوادية، خصوصا في ظل استمرار تدهور علاقاتها مع مالي منذ حادث إسقاط الطائرة المالية شهر نيسان/أبريل الماضي.

ولفت إلى أنه سبق لمالي أن تحدثت عن تلقي الحركات الأزوادية دعما عسكريا من أوكرانيا، وكان ذلك سببا رئيسيا لقطع العلاقات الدبلوماسية بين باماكو وكييف.

وتابع: "لكن من اللافت أن الهزيمة التي لحقت بفاغنر، في تينزواتين، والهزيمة الأخيرة للفيلق الإفريقي في أغيلهوك بالشمال، اقتصرت على الخسائر البشرية والمادية، ولكنها لم تمكن القوات الأزوادية من استرجاع أي من المناطق التي كانت تحت سيطرتها والتي استعادتها الحكومة المالية بعد وصول العسكريين إلى السلطة".

من جهته قال الصحفي الجزائري المختص في الشؤون الأمنية أكرم خريف، إن رتلا من الفيلق الأفريقي، دخل مناطق في شمال مالي قريبة من الحدود مع الجزائر، ثم دارت اشتباكات استمرت نحو ثلاثة أيام أسفرت في النهاية عن مقتل جنود من الجيش مالي ومن الفيلق الأفريقي، ومقاتلين من جبهة تحرير أزواد.

وأشار في تصريح لـ"عربي21" إلى أن جبهة تحرير أزواد، كبدت الفيلق الأفريقي خسائر كبيرة، وأجبرته بالفعل على مغادرة المنطقة والعودة إلى كيدال.

ولفت إلى أن هذا الاشتباك هو الأول من نوعه بين مقاتلي حركة الأزواد وقوات "الفيلق الإفريقي" منذ دخول التشكيل العسكري الجديد خلفًا لمجموعة "فاغنر" الروسية.

ومنذ نحو سنتين تحتدم المعارك في إقليم أزواد بالشمال المالي، بين الحركات الأزوادية (الطوارق) والجيش المالي، فيما يعلن "الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي" (يضم عدة حركات من الطوارق والقبائل العربية) من حين لآخر، عن مهاجمة القوات المالية وقتل وإصابة بعض الجنود، فيما يتحدث الجيش المالي عن شن هجمات تستهدف من يصفهم بالمسلحين "الإرهابيين" في المنطقة.

ويأتي هذا التصعيد بعد انهيار اتفاق السلام المبرم في الجزائر عام 2015، وتزايد التحذيرات الدولية من عودة القتال بقوة إلى مختلف المناطق بشمال مالي.

اظهار أخبار متعلقة


انسحاب فاغنر

وكانت قوات فاغنر الروسية، قد أعلنت قبل أيام قليلة، بشكل مفاجئ، عن إنهاء مهمتها بشكل رسمي في مالي.

وقالت "فاغنر" في بيان، إنّ: "مقاتليها حاربوا على مدى ثلاث سنوات ونصف، جنبا إلى جنب مع الشعب المالي ضد الإرهاب"، وأنهم ساعدوا "المواطنين المحليين على بناء جيش قوي ومنضبط قادر على الدفاع عن أرضهم".

ونشرت المجموعة الروسية، مقطعا مصورا، أعلنت فيه عن: "اكتمال مهمتها في مالي وانسحابها بعد أكثر من 3 سنوات، على وجودها في البلاد".

وبعد ساعات من إعلان "فاغنر" الانسحاب من مالي، أعلن "فيلق إفريقيا" الروسي بقاءه في مالي" مؤكدا في بيان أنّ: "مغادرة "فاغنر" لن تحدث أي تغييرات، وأن وحدات هذا الفيلق ستبقى في مالي".

وتم تأسيس "الفيلق الإفريقي" بدعم من وزارة الدفاع الروسية بعد أن قاد مؤسس "فاغنر" يفغيني بريغوجين والقائد ديمتري أوتكين تمردا عسكريا فاشلا ضد قيادة الجيش الروسي في حزيران/يونيو 2023، ثم غادرا إلى بيلاروسيا مع مرتزقة آخرين.

ومنذ أكثر من 40 عاما، يواصل سكان إقليم أزواد بشمال مالي، صراعهم مع الحكومة المركزية في باماكو للمطالبة بالانفصال.
التعليقات (0)

خبر عاجل