في خطوة تصعيدية تنذر
بتحولات كبرى في مسار الحرب
السودانية، أعلنت قوات
الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان
دقلو "حميدتي"، عن تشكيل
حكومة موازية تعرف باسم "
حكومة السلام "،
تضم قوى سياسية وتحالفات مدنية.
الإعلان تم من مدينة
نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور، وهي من أهم معاقل الدعم السريع.
وأعادت الخطوة رسم المشهد السياسي والعسكري في السودان، وأثارت مخاوف من انقسام الدولة فعليا إلى
كيانين متوازيين.
أولًا: خريطة السيطرة
الميدانية لقوات الدعم السريع
دارفور.. القاعدة المركزية
تظهر آخر الخرائط الميدانية
أن قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، تفرض سيطرة شبه
كاملة على إقليم دارفور، وتمدد نفوذها في ولايات كردفان.
تعد دارفور القلب النابض
لقوات الدعم السريع منذ بدء الحرب في نسيان/ أبريل 2023، ومع تصاعد العمليات العسكرية
ضد الجيش السوداني، عززت قوات الدعم السريع سيطرتها على أربع من ولايات الإقليم الخمس:
غرب، وسط، جنوب، وشمال دارفور، بينما لا تزال شرق دارفور متنازعًا عليها.
اظهار أخبار متعلقة
دارفور تحت السيطرة
وبحسب معهد دراسات
الحرب الأمريكي (ISW)، تسيطر قوات الدعم السريع على معظم أراضي ولايات
دارفور الخمس، لا سيما غرب ووسط وجنوب دارفور، بما في ذلك مدن رئيسية مثل الجنينة،
زالنجي، وكبكابية.
في ولاية شمال دارفور،
فرضت القوات حصارا خانقا على مدينة الفاشر، حيث لا تزال القوات الحكومية متمركزة، وتظهر
صور أقمار صناعية صادرة عن منظمات حقوقية أن الدعم السريع نفذ عمليات تهجير وقتل جماعي
خاصة في الجنينة.
تمدد استراتيجي نحو
كردفان
في كردفان، بسطت قوات
الدعم السريع نفوذها على مدينة الفولة في غرب كردفان، كما سجلت تقارير ميدانية توغلها
في جنوب كردفان بالتنسيق مع قوات الحركة الشعبية شمال، مما يشير إلى محاولة السيطرة
على الممرات المؤدية للنيل الأبيض وولايات الوسط ومع أن الجيش استعاد بعض النقاط الحيوية
في شمال كردفان، فإن الدعم السريع يحتفظ بممرات دعم لوجستي مهمة عبر الصحراء.
هجمات بالطائرات المسيّرة
في الشمال
أفادت مصادر أمنية
أن الدعم السريع شن عدة هجمات بطائرات بدون طيار استهدفت منشآت في ولايتي نهر النيل
والشمالية، من بينها منشآت قريبة من سد مروي ومطار دنقلا. ورغم أن هذه المناطق لا تشهد
وجودًا ميدانيًا دائمًا للدعم السريع، فإن هذه الضربات تمثل رسائل استراتيجية لتهديد
عمق سيطرة الجيش السوداني.
شبكة تفتيش ونقاط نفوذ
غير رسمية
على الأرض، أنشأت قوات
الدعم السريع شبكة من نقاط التفتيش في دارفور وكردفان، تستخدمها لفرض رسوم على المارة
والتحكم في حركة المساعدات والإمدادات، ما يضفي طابع "الدولة داخل الدولة".
وقد وثقت منظمات إنسانية أكثر من 70 نقطة تفتيش نشطة تديرها قوات الدعم السريع خارج
سلطة الدولة المركزية.
اظهار أخبار متعلقة
ثانيًا: مناطق النفوذ
المحتمل للحكومة الموازية
نيالا.. العاصمة المؤقتة
إعلان الحكومة الموازية
انطلق من نيالا، لتكون بمثابة مركز إداري وسياسي جديد للتحالف المدني-العسكري بقيادة
الدعم السريع. المدينة توفر قاعدة آمنة نسبيًا للحكومة الناشئة نظرًا لسيطرة شبه تامة
للدعم السريع عليها.
دارفور الكبرى كمجال
نفوذ أولي
مع سيطرة قوات
الدعم السريع الكاملة على معظم دارفور، من المتوقع أن تكون هذه الولايات الأربع هي
نواة "الدولة الثانية" التي تسعى الحكومة الموازية إلى شرعنتها، من خلال
تعيين حكام إداريين وإطلاق خدمات مدنية محدودة.
تحالفات سياسية داعمة
تشمل الحكومة الجديدة
تحالفًا باسم "تحالف القوى الوطنية والمدنية"، من ضمنها قيادات منشقة عن
قوى الحرية والتغيير، وبعض وجوه العملية السياسية السابقة مثل محمد حسن التعايشي. هذه
التوليفة تسعى لتوفير غطاء مدني للحكومة بديلة.
تطلعات لضم مناطق جديدة
الحكومة أعلنت عن تعيين
حكام في ولايات لا تخضع لسيطرة الدعم السريع مثل سنار والجزيرة، في محاولة لتوسيع نفوذها
الرمزي نحو وسط السودان، رغم محدودية التواجد العسكري فيها.
ثالثا: التأثير الداخلي والخارجي
للحكومة الموازية
داخليًا: إدارة ميدانية في مناطق
السيطرة
في دارفور وغرب كردفان،
تسعى قوات الدعم السريع إلى تنظيم إدارة محلية تشمل توزيع المساعدات، الإشراف
على الأسواق، والتحكم في الأمن الداخلي عبر ميليشيات موالية، في بعض المناطق، بدأ تعيين
لجان مدنية تحت إشراف مباشر من قادة ميدانيين في الدعم السريع.
أزمة إنسانية متفاقمة:
تسببت العمليات العسكرية
وتوسع الدعم السريع في موجات نزوح هائلة، خصوصًا من نيالا والجنينة،
حيث تم تسجيل أكثر من 2.5 مليون نازح داخليًا من دارفور وحدها منذ بداية الحرب، وفقًا
لتقارير الأمم المتحدة.
انقسام فعلي للدولة:
إعلان الحكومة الموازية
يعمق الانقسام السياسي، ويجعل من احتمال تقسيم السودان واقعا فعليا وليس فقط سياسيا،
مع وجود حكومتين تدّعي كل منهما الشرعية والتمثيل الوطني.
خارجيًا:
ردود فعل دولية متحفظة
الأمم المتحدة، الاتحاد
الأفريقي، وجامعة الدول العربية أعربوا عن قلقهم إزاء إعلان الحكومة الموازية، مؤكدين
أن الحل السياسي الشامل هو المسار الوحيد المقبول. الولايات المتحدة وصفت الخطوة بأنها
تهديد لوحدة السودان.
استقطاب إقليمي محتمل
الخطوة قد تؤدي إلى
تموضع إقليمي جديد فهناك اتهامات مسبقة بتلقي الدعم السريع مساعدات عسكرية من دول مثل
الإمارات، بينما يعتمد الجيش على دعم سياسي وعسكري من مصر ودول شرق أفريقيا.
اظهار أخبار متعلقة
تهديد للعملية السلمية
الحكومة الموازية نسفت
فعليًا أي جهود لتوحيد المسار التفاوضي، خصوصًا تلك التي كانت تجري عبر وساطات سعودية
وإفريقية. قد تؤدي الخطوة إلى تصاعد القتال، خاصة في مناطق التماس مثل شمال كردفان
ودارفور الشرقي.