سياسة عربية

بعد قرن من وعد بلفور.. فلسطينيون يلاحقون بريطانيا قانونيا بسبب جرائم الانتداب

العريضة تستند إلى المعايير القانونية الدولية المعمول بها آنذاك - عربي21
العريضة تستند إلى المعايير القانونية الدولية المعمول بها آنذاك - عربي21
قدم مجموعة من الفلسطينيين، من بينهم رجل الأعمال والناشط السياسي الفلسطيني البارز منيب رشيد المصري، البالغ من العمر 91 عامًا، عريضة قانونية من 400 صفحة إلى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ووزيري الخارجية والدفاع، والمدعي العام، تطالب المملكة المتحدة بتحمل مسؤوليتها عن انتهاكاتها المتكررة للقانون الدولي، وجرائم الحرب التي ارتكبت خلال الاحتلال البريطاني لفلسطين خلال فترة  الانتداب  بين عامي 1917 و1948.

وتأتي العريضة، التي أُعدت بصياغة فريق قانوني رفيع المستوى بقيادة المحامين بن إميرسون وداني فريدمان، وبمشاركة خبراء القانون الدولي والمؤرخين جون كويغلي، آفي شلايم، وفيكتور قطان، لتعرض أدلة دامغة تثبت أن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي كان "صناعة بريطانية" نتيجة أفعال بريطانيا غير المشروعة أثناء احتلالها لفلسطين.

حملة "بريطانيا تحمل ديناً لفلسطين"

وتأتي تلك العريضة ضمن الإجراءات التي تتخذها حملة "بريطانيا تحمل دينا لفلسطين"، التي تطالب بالاعتراف الرسمي بمسؤولية بريطانيا، وتقديم اعتذار وتعويضات عن خلق "قرن من القمع"، وتوضح العريضة أن الحكومة البريطانية قد تواجه مراجعة قضائية في حال فشلها بالرد على المطالب.

وخلال جلسة، حضرتها "عربي21"، قال منيب المصري، الذي أصيب برصاصة على يد الجنود البريطانيين وهو في الثالثة عشرة من عمره: "الأزمة الحالية في فلسطين كانت "صناعة بريطانية" خلال سلسلة من الانتهاكات الممنهجة وإساءة المعاملة بحق الشعب الفلسطيني، لقد عانينا معًا أكثر من قرن من الاضطهاد، لا يمكن لبريطانيا أن تساهم في بناء سلام عادل اليوم إلا إذا اعترفت بدورها الحاسم في مآسي الماضي، إن الاعتذار سيكون بداية عادلة لما يتوقعه الفلسطينيون من الحكومة البريطانية".

قدم كلا من بن إميرسون وداني فريدمان شرحًا قانونيًا مفصّلًا يوضح مسؤولية بريطانيا عن الانتهاكات وفق المعايير الدولية المعمول بها آنذاك، فيما ناقش آفي شلايم وجون كويغلي وفيكتور قطان الأبعاد التاريخية والسياسية لوعد بلفور، ودوره في صناعة الصراع العربي-الإسرائيلي، وكيف تواصل آثار هذا القرار حتى اليوم.

وتطرق جون هالفورد إلى الجوانب الإدارية والقانونية المتعلقة بالاحتلال والانتداب البريطاني، مشددًا على ضرورة مساءلة الحكومة عن الإخفاقات القانونية والأخلاقية.

اظهار أخبار متعلقة


وتضمنت العريضة شهادات عن ممارسات القوات البريطانية التي كانت تجمع السكان وتقودهم مقيدين بالأصفاد، وتحتجزهم في أقفاص قبل تنفيذ الإعدامات، إضافة إلى قمع الفلسطينيين خلال ثورة 1936–1939، بما يشمل القتل، التعذيب، والاعتقال التعسفي، كلها انتهاكات ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

المسؤولية القانونية البريطانية
وتستند العريضة إلى المعايير القانونية الدولية المعمول بها آنذاك، بما في ذلك: قوانين الاحتلال وفق لوائح لاهاي 1899/1907، ميثاق عصبة الأمم لعام 1919، اتفاقيات لاهاي والقانون الدولي العرفي، ميثاق الأمم المتحدة لعام 1945.

وتكشف العريضة ثلاثة مستويات رئيسية للانتهاكات:

1 - خرق سلطتها كقوة احتلال وعدم الاعتراف بالسكان الفلسطينيين الأصليين، وإنشاء الانتداب دون سند قانوني، واستمرار الاحتلال غير المشروع حتى 1948.

2 - القمع غير المشروع للشعب الفلسطيني بما يشمل العنف الجماعي، الاعتقال التعسفي، وإساءة المعاملة.

3 - التخلي عن وحدة فلسطين وتقسيمها، وتشجيع الاستيطان الصهيوني، ما أدى إلى طرد الفلسطينيين وتهجيرهم الجماعي خلال النكبة.

مقدمو العريضة الآخرون
تضم العريضة مجموعة واسعة من الفلسطينيين من مختلف الأطياف والمناطق، من بينهم: غصون عبد الله أحمد عبدو من مخيم اليرموك بسوريا، عماد فائق شريف أبو كشك من عرب أبو كشك شمال يافا، وليد نجيب مصطفى الأحمد من رمانة في جنين، نصير رحمي حامد عرفات من نابلس، أحمد محمود أبو سلعوم من الدوايمة، الخليل، تيسير محمد صالح نصر الله من مخيم بلاطة، نابلس، سعيد حسين أحمد الحاج من الطيرة (اللد)، جهاد عزّت يعقوب عيسى من مخيم بلاطة، محمد محمود عبد القادر حرب من مسكة، طولكرم، خالد توفيق صبري ذوقان من يافا، سميرة بغدادي من صفد، محمد سعيد بركة من صفورية، الناصرة، دانا فرّاج من اللد.

وأشار الموقعون إلى التهجير القسري، ومصادرة الممتلكات، والقتل الجماعي، والتدمير الممنهج للمنازل والقرى الفلسطينية، ويمثلون شهادات حية على الانتهاكات البريطانية والصهيونية المتواصلة منذ أكثر من قرن.

اظهار أخبار متعلقة



وأكدت العريضة أن بريطانيا تتحمل مسؤولية مباشرة عن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي ونتائجه الكارثية، وأن الاعتراف الرسمي والاعتذار والتعويضات يشكلان خطوة أولى نحو العدالة التاريخية للفلسطينيين. وتبرز أهمية التدابير القانونية الدولية لضمان عدم إفلات المسؤولين من العقاب التاريخي والاعتراف بالحقائق.

وجاءت العريضة في أعقاب لقاء قانوني في لندن الاثنين، حضره مجموعة من كبار القانونيين والمؤرخين، لمناقشة آخر التطورات المتعلقة بالدعوى القضائية المرفوعة من منيب رشيد المصري وفريقه القانوني ضد الحكومة البريطانية، نظرًا لمسؤولية بريطانيا عن إصدار وعد بلفور عام 1917.
التعليقات (0)

خبر عاجل