جون ميرشايمر: خطة ترامب لغزة "إسرائيلية-أمريكية" وغياب أي أفق لتقرير المصير الفلسطيني
لندن- عربي2102-Oct-2509:45 AM
0
شارك
ميرشايمر يقول إن الوضع سيكون أفضل لإسرائيل لو قبلت حماس هذه الصفقة- الأناضول
قدّم البروفيسور جون ميرشايمر، في مقابلة مع مجلة The Spectator، تحليلا نقديا لخطة السلام التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن غزة، مؤكدا أن الخطة لا تمنح الفلسطينيين أي أفق سياسي واضح، وتُلزم حركة حماس بتنازلات فورية تفقدها أوراق الضغط الأساسية، وهو ما يجعل قبولها "غير منطقي" من وجهة نظر الحركة.
وقال أستاذ العلوم السياسية ميرشايمر: "أعتقد أن خطة ترامب هي في الأساس اقتراح أمريكي-إسرائيلي. جاء رئيس الوزراء نتنياهو إلى هنا مبكرا، وعقد اجتماعات مطولة الخميس الماضي، ومرة أخرى الأحد، مع ستيف ويكوف وجاريد كوشنر، وهما من أقرب مستشاري ترامب، وكلاهما من الداعمين المتحمسين لإسرائيل."
وأشار البروفيسور إلى أن ترامب بدا قليل الحماسة خلال إعلان الخطة، مضيفا: "أعتقد، أولا، أنه مُنهك من كونه رئيسا، ومن التعامل مع كل هذه الأزمات في السياسة الخارجية، دون تحقيق الكثير من النجاحات".
وأوضح البروفيسور أن ترامب يواجه قضيتين أساسيتين في سياسته الخارجية، الأولى ما وصفه بالإبادة الجماعية في غزة، والثانية الحرب في أوكرانيا، مؤكدا أنه يسعى بجدية لإنهاء الأزمتين لكن دون نجاح ملموس حتى الآن. ورأى أن استمرار الحرب الأوكرانية يشكل مصدرا دائما للمشكلات بالنسبة له، في وقت تتفاقم فيه التحديات على الساحة الغزية.
ولفت ميرشايمر إلى أن ترامب يتعرض لضغوط مزدوجة في هذا الملف، فمن جانب تمارس إسرائيل وحلفاؤها في الولايات المتحدة، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المعروف بمهارته في التأثير داخل واشنطن، ضغوطا قوية عليه، ومن جانب آخر هناك أصوات عديدة داخل الحزب الجمهوري والداخل الأمريكي تطالب بإعادة النظر في علاقة واشنطن بتل أبيب وبإنهاء ما يجري في غزة.
وأكد أن ترامب أيضا يواجه ضغوطا من الخارج لوقف ما يجري، وهو أمر "ليس سهلاً سواء في غزة أو في أوكرانيا".
وتابع: "وعندما تجمع بين كل هذه العوامل وحقيقة أنه يبلغ من العمر 79 عامًا، فمن الطبيعي أن يبدو منهكًا. لقد شاهدته في عدة مناسبات يفتقد الحماس الذي كان لديه قبل عودته إلى البيت الأبيض في يناير. وأعتقد أن هذا أمر مفهوم."
وأردف قائلا "لا شك في ذلك. ترامب ليس من دعاة الحروب. رد فعله الأول لا يكون استخدام القوة العسكرية. وعلى العكس، فإن الديمقراطيون عمومًا، وبايدن على وجه الخصوص، لم يترددوا في استخدام القوة. ما زلت مندهشًا من مدى ترحيب إدارة بايدن بالحرب مع روسيا بشأن أوكرانيا. لم نفعل شيئًا تقريبًا لمنع تلك الحرب. وعندما بدأت المفاوضات في إسطنبول، وكان يبدو أن هناك تقدمًا حقيقيًا، كانت الولايات المتحدة، إلى جانب بريطانيا، من دفعت حكومة زيلينسكي للانسحاب من تلك المفاوضات."
وأضاف: "لذلك، أرى أن بايدن كان مؤيدًا للحرب بطريقة تختلف عن ترامب. لكن الحقيقة أن ترامب لم ينجح في إيقاف هذه الحروب، بل بدأ بعض الصراعات بنفسه؛ منها الهجوم في 22 حزيران/يونيو على إيران، وحربه التي استمرت شهرًا ضد اليمن. لذا، يمكن القول إنه محبط في تحقيق أهدافه، وهو اليوم يهدد أيضًا باتخاذ إجراءات عسكرية في فنزويلا. وهذا مجال آخر من الصراع يبدو أنه يسعى إليه."
وبشأن تفاصيل خطة غزة، أوضح ميرشايمر أن الخطة النهائية المكوّنة من 20 نقطة "تم تعديلها من النسخ السابقة بطريقة تخدم مصالح إسرائيل. كما ذكرت تايمز أوف إسرائيل اليوم، فقد حصلت إسرائيل على كل ما تريده في هذه الصفقة. لذا، فهي ليست خطة أمريكية بحتة، بل خطة مشتركة بين أمريكا وإسرائيل. ولم يتم التشاور مع حماس في أي مرحلة. لقد تم تقديمها لهم كأمر واقع. ولا غرابة في أن حماس سترفضها، لأن الخطة ببساطة، خسارة لها في جميع القضايا الرئيسية".
وتابع: "يجب على حماس أن تطلق سراح جميع الرهائن خلال أول 72 ساعة. والجميع يعرف أن الرهائن هم ورقة الضغط الوحيدة بيد حماس. ثانيًا، تنص الخطة على نزع سلاح حماس بالكامل، بما في ذلك تدمير جميع الأنفاق، وهذا سيترك غزة وسكانها دون أي وسيلة للدفاع عن أنفسهم. ثالثًا، لا يُطلب من إسرائيل الانسحاب الكامل من غزة، وهو أحد المطالب الأساسية لحماس. الانسحاب سيكون تدريجيًا، وحتى بعد نهايته، ستبقى قوات إسرائيلية على أطراف غزة".
وأردف: "لكن الأهم من كل ذلك، أنه لا يوجد أي ذكر لتقرير المصير للفلسطينيين في الاتفاق. نحن، أي أمريكا وإسرائيل، من قرر كيف سيتم حكم غزة في المستقبل. لن يتم حكمها من قبل الفلسطينيين لفترة طويلة، وحتى عندما يتولون الحكم، فإننا من سيقرر من سيكون في السلطة، وسنتولى تدريبهم وتأهيلهم لهذا الدور. وأخيرًا، وربما الأهم، ما هو الأفق السياسي؟ هل سيحصل الفلسطينيون على دولة؟ النقطة العشرون في الخطة تقول فقط إن الولايات المتحدة ستُيسر حوارًا بين جميع الأطراف لتحديد النتيجة النهائية. لذلك، أعتقد أن هذا اقتراح لا معنى له من وجهة نظر حماس".
وعند سؤاله عن "الطريقة الصعبة" التي أشار إليها نتنياهو قال: "الطريقة الصعبة هي استمرار الهجوم الجاري الآن في مدينة غزة، ودفع جميع الفلسطينيين نحو أقصى جنوب القطاع، ومن ثم الأمل في طردهم إلى مصر. أعتقد أن هذا ما تسعى إليه إسرائيل. وقد تم التصريح بذلك بوضوح في الصحافة العبرية، وذكره البعض أحيانًا في تصريحات علنية باللغة الإنجليزية. هذه، في الحقيقة، هي الغاية النهائية."
وأضاف: "كما أن هناك عددًا كبيرًا من الشباب الفلسطينيين الذين يمكن تجنيدهم بسهولة. لذلك، أعتقد أن حماس لا تزال قائمة وقادرة على مواصلة القتال. ومن جهة أخرى، فإن إسرائيل تعاني بشدة من هذه الحرب، وقد ألحقت أضرارًا جسيمة بسمعتها ومكانتها، حتى داخل الولايات المتحدة. وإذا نظرت إلى ما يحدث داخل إسرائيل، فستجد أن الجيش في مأزق حقيقي. ليس من قبيل المصادفة أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الذي اختاره نتنياهو بنفسه، عارض بشدة الهجوم على مدينة غزة، لأنه يدرك حجم المشكلة التي يواجهها الجيش".
واعتبر أن "الوضع سيكون أفضل لإسرائيل لو قبلت حماس هذه الصفقة، لكنها لن تقبلها لأنها تعرف أنها في موقع قوة نسبيا".
وحول توصيف ما يجري في غزة قال ميرشايمر: "أعتقد أن لدينا معلومات جيدة عمّا يحدث في غزة، رغم محاولات إسرائيل منع وسائل الإعلام من الدخول. أعتقد أن هناك ما يكفي من المعلومات لمعرفة الحقيقة".
وبخصوص ملف الرهائن قال: "لا شك أن حماس لن تطلق سراح الأسرى قبل الحصول على صفقة تراها مرضية. من الصعب تحديد شروطها اليوم، لأن الفلسطينيين تعرضوا لتدمير شامل، وربما تكون حماس مستعدة اليوم لقبول شروط لم تكن تقبلها قبل عام. لكنها لن تتخلى عن الأسرى دون مقابل مجز، لأنهم ورقة المساومة الوحيدة المتبقية لديها. بينما تنص خطة ترامب على أن إطلاق سراح الأسرى يجب أن يحدث خلال 72 ساعة، وهذا من وجهة نظر حماس تصرّف غير عقلاني".
وربط ميرشايمر بين اتفاقات أبراهام وما يجري في غزة قائلاً: "نعم، هذا صحيح. ترامب لطالما أراد إبرام اتفاق أبراهام بين إسرائيل والسعودية والولايات المتحدة. لكننا نواجه الآن مشكلة: السعودية بدأت تبتعد عنّا. لقد شكلت تحالفًا عسكريا مع باكستان، ومن يقرأ الصحافة السعودية يدرك أنهم لم يعودوا يثقون بالولايات المتحدة، ويبحثون عن شركاء آخرين. وهذا قد يؤدي إلى تدخل صيني متزايد في الشرق الأوسط".
اظهار أخبار متعلقة
وتابع: "لذا، ما يريد ترامب فعله هو جمع السعودية وإسرائيل وأمريكا معًا في اتفاق جديد. لكن ما يحدث في غزة جعل هذا مستحيلًا كما يفهم الجميع. وترامب يعتقد أنه إذا تمكن من إنهاء الصراع في غزة وخلق حالة سلمية، فإنه يستطيع إبرام اتفاق أبراهام مع السعودية".
وأشار البروفيسور إلى أن ترامب تحدث حتى عن إمكانية اتفاق "أبراهام" مع إيران، موضحا:
"ترامب لديه غريزة تميل إلى السلام وليس الحرب. يريد أن يتصالح الجميع، ويعقد الصفقات. هو رجل أعمال، يحب الصفقات. يريد عقد صفقات مع إيران، مع السعودية، مع بوتين. هو قاسٍ أحيانًا، ويبدو أنه يستمتع بتوبيخ الحلفاء أكثر من الخصوم، لكنه ليس من دعاة الحرب، وأعتقد أنه بالفعل يرغب في اتفاق مع السعودية وربما حتى إيران."