مقابلات

قيادي بحماس لـ"عربي21": نزع سلاح المقاومة الآن سيؤدي لفوضى شاملة في غزة

ترامب ردد مرارا مطالبته بنزع سلاح حماس- قدس برس
ترامب ردد مرارا مطالبته بنزع سلاح حماس- قدس برس
قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، الدكتور عبد الجبّار سعيد، إن "نزع سلاح المقاومة الفلسطينية حاليا في قطاع غزة، وفي ظل الظروف الراهنة دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ودون وجود حكومة تدير القطاع، حتما سيؤدي إلى فوضى شاملة في القطاع، وسيتسبّب في حالة فراغ كبيرة وخطيرة يصعب مواجهتها".

وأوضح، في حديث خاص مع "عربي21"، أن "حركة حماس أعلنت أن موضوع السلاح ليس إصرارا على السلاح لذاته، وإنما هو مرتبط بوجود الاحتلال وحقّنا المشروع في مقاومته؛ فإذا وصلنا إلى الدولة الفلسطينية ذات السيادة والمستقلة التي تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، فإن هذا السلاح سيتحوّل إلى الدولة الفلسطينية وجيشها المأمول، ويصبح جزءا من سلاح الدولة الفلسطينية، وحينها لن يكون له داعٍ ولا مبرر لوجوده من الأساس، خاصة أن هناك اعترافات واسعة بالدولة الفلسطينية ومطالبة بقيام دولتنا المستقلة".

وأضاف سعيد: "قبل أيام أبدى ترامب تفهمه لإقدام حماس على تصفية العملاء في غزة، وادّعى أنه منحنا الضوء الأخضر لمواصلة حفظ الأمن، فكيف يعود اليوم ليطالبنا بتسليم ونزع سلاحنا فورا، من دون وجود حكومة فلسطينية تدير القطاع؟، إن مثل هذا الطرح لا يعني سوى جرّ غزة إلى فوضى شاملة".

وشدّد القيادي في حركة حماس، على أن "التجارب التاريخية أثبتت أن التراجع أحادي الجانب أو تقديم تنازلات بلا ضمانات يفتح الباب لمزيد من الاعتداءات".

خروقات إسرائيلية مستمرة
وأكد:" استمرار الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار دليل جلي على أن هذا العدو لا يعرف التزاما لا بمبادرات ولا بمعاهدات، ويتصرّف على هواه وبرغبته في الإجرام والإبادة وإراقة الدماء، وهو غير حريص لا على الوصول إلى اتفاق، ولا على وقف الحرب بشكل نهائي، ولا على أي شيء من هذا القبيل، وهذا ما ينسجم مع طبيعة نتنياهو وطبيعة هذا الكيان المجرم، وللأسف يحدث ذلك بضوء أمريكي أخضر".

ولفت سعيد إلى أن "الاحتلال خرق اتفاق وقف إطلاق النار؛ فهو لم يفتح معبر رفح حتى الآن، وما زال يعيق إدخال المساعدات الإنسانية، فضلا عن مواصلته للقصف وإن كان ذلك بشكل محدود، كما أنه لم ينسحب إلى النقاط التي كان يفترض أن إخلاؤها بعد تسلّم الأسرى الأحياء، بخلاف تصاعد الانتهاكات في الضفة الغربية".

وواصل القيادي بحركة حماس، حديثه: "بالرغم من التهديدات الأخيرة التي يطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والخروقات الإسرائيلية المتواصلة، سنبقى حريصين جدا من طرفنا على إنجاح خطة الرئيس ترامب كي نحقق وقفا دائما وشاملا لهذه الحرب وهذا العدوان على أهلنا، وكي نصون الدم الفلسطيني ونقدّم ما يليق بشعبنا ويحفظ حقوقه".

وتابع: "حركة حماس أعلنت ما وافقت عليه من بنود خطة ترامب بشكل مباشر، وباقي القضايا قلنا إنها تحتاج إلى تفاصيل، وبعضها متعلق بالحوار مع جميع الأطراف الفلسطينية دون استثناء لأنها مرتبطة بمستقبل الشعب الفلسطيني، وكان من الطبيعي أن نحيلها إلى ذلك الحوار وتلك المناقشات بالتنسيق مع الكل الفلسطيني".

وشدّد القيادي في حماس على أن "خطة ترامب تحتاج إلى استكمال المفاوضات والدخول في كثير من التفاصيل المُعمّقة، ولا يمكن تطبيقها بخطوطها العريضة العامة كما هي؛ فهناك نقاط بحاجة لتفصيل وتوضيح مثل مستقبل قطاع غزة، والدولة الفلسطينية، وتمثيل الشعب الفلسطيني".

واستبعد القيادي في حركة حماس احتمال العودة إلى الحرب مُجدّدا، قائلا: "إن توقف الحرب لم يكن نتيجة قرار من ترامب، بل جاء ثمرة صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته البطولية التي أحبطت مشروع التطهير العرقي، إضافةً إلى العزلة الدولية غير المسبوقة التي تواجهها إسرائيل اليوم، فضلا عن الخسائر الفادحة التي تكبّدها جيش الاحتلال، والتي فاقت بثلاثة أضعاف خسائره في حرب عام 1967 أمام ثلاثة جيوش عربية".

اظهار أخبار متعلقة



قوات دولية في غزة
وعن وجود قوات دولية في غزة، قال سعيد: "هذا الأمر مرتبط بنتائج وتفاصيل المفاوضات ومرحلتها الثانية المرتقبة، وما ستؤول إليه فكرة وجود أيّة قوات دولية داخل القطاع مرتبط بالحوار بين الفلسطينيين أنفسهم، والفصائل الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية، وأيضا فيما بعد مع الدول العربية، وبالتالي هذه القضية تخضع لخلاصة هذه الحوارات والمفاوضات، والحسم بشأنه الآن يُعدّ مبكرا".

وأردف: "ترامب طرح فكرة وجود قوات دولية، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هذه الصيغة هي التي يتفق عليها الفلسطينيون فيما بينهم، أو الفلسطينيون والعرب، ومثل هذا يُقال أيضا عمّا طُرح بخصوص مجلس السلام؛ فالحركة لا تقبل مطلقا صورة الانتداب، ولا تقبل الحكم العسكري من الآخرين، ولن نستبدل الحكم العسكري للاحتلال الإسرائيلي بحكم أجنبي آخر؛ فهذه صيغة مرفوضة بالنسبة لنا".

وقال: "أيّ صيغة تُطرح لحكم قطاع غزة تحت ما يُسمى بالوصاية الدولية أو المندوب السامي على غرار الاستعمار القديم أمر لا يمكن أن يكون مقبولا لا عند حركة حماس ولا عند جميع فصائل المقاومة الفلسطينية، وكما أكدنا نحن نقبل بإدارة مستقلة من التكنوقراط، من الشخصيات المستقلة المختصّة وأصحاب الكفاءات، لفترة انتقالية، وبعد ذلك يمكن أن ننتقل إلى الانتخابات العامة التي على ضوئها ينتخب الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية ممثليه، وهناك تفاصيل يمكن حسمها على طاولة المفاوضات".

واستطرد قائلا: "نحن نعتقد أن البديل الأفضل هو لجنة تكنوقراط فلسطينية محايدة تُدير القطاع وتكون مرجعيتها السلطة الفلسطينية؛ فالحلّ من وجهة نظرنا فلسطيني-فلسطيني، وهذا قيد الحوار والمفاوضات، والأسماء التي تم تداولها بهذا الإطار تم الاتفاق عليها مع الإخوة المصريين، لكن في حينها السلطة لم تقبلها، والرئيس محمود عباس رفضها للأسف، وربما نعود إليها في مفاوضات المرحلة الثانية أو ربما تكون هناك أطروحات جديدة، وهذا مرتبط بالمستجدات المرتقبة، ولا نستطيع أن نجزم بشأنه الآن، ولا مانع عندنا من مناقشة الأسماء أو مناقشة صيغ وطنية جديدة".

استحالة إقصاء حماس من المشهد
وزاد: "كلامنا بخصوص الحوار الكُلّي الفلسطيني ومستقبل الشعب الفلسطيني يتعلق بكثير من المسائل، منها مسألة حكم غزة، ومنها مسألة ما يتبع هذا الحكم في موضوع الأمن وقوى الأمن وحفظ النظام ورفع الحصار ومستقبل الدولة الفلسطينية، والوحدة بين غزة والضفة، وكل عناصر الدولة الفلسطينية، ومسائل أخرى كثيرة جدا يمكن أن تخضع لهذا الحوار وتكون جزءا منه، وتُشكّل مستقبل الوجود الفلسطيني، وما يتعلق بالدولة وسيادتها واستقلالها وحريتها، وحفظ حقوق الشعب الفلسطيني، وعاصمة هذه الدولة القدس".

وأكمل سعيد: "كل هذا مما ينبغي أن نتمسك به ككلٍّ فلسطيني ونتحاور حوله مع جميع شركاء الوطن. وبالتالي، إقصاء حماس بشكل كامل من المشهد أمر غير ممكن. نحن أقصينا أنفسنا بأنفسنا وتنازلنا عن حكم غزة لأننا نريد أن نُسهّل الأمور لرفع الحصار ووقف هذا الاحتلال والإجرام والإبادة عن شعبنا، وتسهيل وصول المساعدات والإغاثة والإعمار لشعبنا، حتى لا يُشكّل وجودنا السياسي أي عقبة أمام مصلحة شعبنا".

واستدرك بقوله: "لكن هذا لا يعني بحالٍ من الأحوال أننا نقبل أن نُستبعد تماما من الكلّ الفلسطيني. نحن حركة متجذّرة في الشعب الفلسطيني، لنا حضورنا، وقوتنا، ووجودنا، وفزنا بانتخابات ديمقراطية عام 2006، بل لنا غالبية في الشعب الفلسطيني، وبالتالي كيف يمكن أن نُستبعد من تقرير مصير الشعب الفلسطيني ومن اتخاذ القرارات فيما يخصّ مستقبل الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ونحن جزء أساسي منه شاء من شاء وأبى من أبى".

وقال: "حماس جزء أصيل من الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة الغربية أو حتى في الشتات خارج البلاد، ومستقبلها مرتبط بمستقبل الشعب الفلسطيني، وهي حريصة عليه وستظل جزءا منه، ولا يمكن أن تنفصل عنه ولا أن يتم استثناؤها أو القضاء عليها أو استبعادها في ظل أنها فكر مرتبط بالمقاومة وبالتحرير، وبالتالي الحركة ستظل موجودة ومستمرّة ومساهمة في مستقبل الشعب الفلسطيني، ولن يتمكن أحد من إقصائها من المشهد، وإن قبلت ألا تحكم في قطاع غزة خلال المرحلة المقبلة".

اظهار أخبار متعلقة



تسليم رفات بقية الأسرى الإسرائيليين
وعلى صعيد ملف تسليم رفات بقية الأسرى الإسرائيليين، أشار سعيد إلى أن "تسليم جميع جثامين الأسرى شيء صعب جدا ويحتاج لفترة طويلة من الزمن نتيجة قانون هانيبال الذي يتيح لجيش الاحتلال قتل جنوده لمنع أسرهم، ونتيجة للقصف الصهيوني الذي طال كل المناطق في قطاع غزة، وهو ما حال ما حال دون الوصول إلى كل الشهداء الفلسطينيين أو كل جثث الأسرى الإسرائيليين".

وأكد القيادي في حركة حماس، أن أكثر من 10 آلاف شهيد فلسطيني تحت الركام والأنقاض حتى اللحظة، وبالطبع هذا يتطلب فترة طويلة من الزمن ليتم إخراجهم، ويجب على الاحتلال أن يُسهّل إدخال كل ما يلزم للبحث عن الجثامين".

وأوضح سعيد أن "إسرائيل هي التي تمنع دخول معدات البحث عن الجثث، فضلا عن أن بعض الجثامين بكل تأكيد موجود في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة جيش الاحتلال، والذي لا زال يسيطر على نحو 50% من قطاع غزة".

وفي 10 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، دخلت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى حيز التنفيذ، وفقا لخطة ترامب، والذي أجاب خلال قمة "شرم الشيخ للسلام" بمصر عن سؤال حول موعد بدء المرحلة الثانية، بأن المراحل مترابطة ببعضها وأن المرحلة الثانية بدأت.

وعُقدت قمة شرم الشيخ الاثنين، برئاسة رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي وترامب، في مركز المؤتمرات بمدينة شرم الشيخ، بمشاركة قادة أكثر من 20 دولة، وقالت الرئاسة المصرية، إن "قمة شرم الشيخ للسلام"، مُشدّدة على ضرورة البدء في "التشاور حول سُبل وآليات تنفيذ المراحل المقبلة" لخطة ترامب.

وتأتي القمة بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل حيز التنفيذ ظهر الجمعة بتوقيت القدس، بعد أن أقرته حكومة تل أبيب فجر اليوم ذاته، ففي 9 تشرين الأول/ أكتوبر أعلن ترامب توصل إسرائيل و"حماس" لاتفاق على المرحلة الأولى من خطته لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى، إثر مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين بمدينة شرم الشيخ، بمشاركة تركيا ومصر وقطر، وبإشراف أمريكي.

وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 67 ألفا و913 شهيدا، و170 ألفا و134 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 463 فلسطينيا بينهم 157 طفلا.
التعليقات (0)

خبر عاجل