كتب

القدس.. اللاجئون الفلسطينيون وتداعيات قرارات ترامب.. قراءة في كتاب

تميز الرئيس الأمريكي الحالي ترامب عن سابقيه من رؤساء الولايات المتحدة بأنه نفّذ ما كان قد التزم به في حملته الانتخابية.. الأناضول
تميز الرئيس الأمريكي الحالي ترامب عن سابقيه من رؤساء الولايات المتحدة بأنه نفّذ ما كان قد التزم به في حملته الانتخابية.. الأناضول
الكتاب: تحول السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب(2016 – 2019)
الكاتب: علاء الدين عزت أبو زيد.
الناشر: دار حروف الفارس للنشر والتوزيع، 2025م.
عدد الصفحات: 173 صفحة.


تقدم الدكتورة إلهام بدر شمالي قراءة مفصلة للآثار المباشرة لقرارات إدارة ترامب على القدس وحقوق اللاجئين الفلسطينيين، مستندة إلى تحليل أبو زيد للسياسات الأمريكية والضغوط الممارسة على القيادة الفلسطينية. يسلط هذا الجزء الضوء على الانتهاج الأمريكي الجديد، الذي يشكل انقلاباً على سياسات التسوية السابقة ويعزز التفرد الأمريكي في إدارة الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.

علاقة الرئيس دونالد ترامب بإسرائيل

يرى الرئيس ترامب أن إسرائيل هي الحليف الأول للولايات المتحدة، ولابد من العمل على تأمين مصالحها، وتدعيم أمنها القومي فالتعامل مع إسرائيل كأمر ثانوي، يجب ألا يستمر كما كان الحال في عهد أوباما وكلينتون. طبقًا لما أشار إليه ترامب فقد أعلن عن ثلاث نقاط يقدمها لإسرائيل خلال مؤتمر منظمة الإيباك: الإجراءات السابقة للتعامل مع إيران وردعها لدعم أمن إسرائيل القومي، ومعارضة التسوية بين إسرائيل وفلسطين، لأنها تفقد إسرائيل شرعيتها، وتكافئ الإرهاب الفلسطيني بدلاً من مواجهته، ونقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس، والإعلان عن أن إسرائيل هي الدولة اليهودية، ورغبتهم في تضمينه في نص الاتفاق وإجبار الفلسطينيين على الاعتراف بها كدولة اليهود وهو ما تم رفضه فلسطينياً.

طرح الكاتب في الفصل الرابع السياسات الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية في عهد الرئيس ترامب، وتولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، واتخذ مقاربة جديدة تختلف عن مقاربة الإدارات السابقة من خلال العمل على حل الصراع وليس إدارته.

منذ الشروع في عملية التسوية السياسية، وتوقيع اتفاق أوسلو عام 1993م، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في وضع سياسات وحلول لقضية القدس، بخلاف موقفها المنحاز دائماً للسياسات الإسرائيلية، كان آخرها اتخاذ إدارة ترامب العديد من المواقف والقرارات ذات الصلة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقد شكلت هذه القرارات ملامح السياسة الأمريكية الجديدة تجاه القضية الفلسطينية، كان أبرز هذه المواقف قرار الرئيس الأمريكي ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ومن ثم نقل السفارة الأمريكية إليها، كذلك وقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية ووقف تمويل الأونروا، وأخيراً إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

لذلك تعتبر هذه القرارات الخطوة التي أنهت تقاليد السياسة الأمريكية، التي امتدت عبر عقود من الزمن، التي كانت تتجنب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل في ظل غياب اتفاق سلام إسرائيلي فلسطيني، وقد شكلت انتهاج السياسة الأمريكية الجديدة في هذه المرحلة معادلات جديدة في التعامل مع القضية الفلسطينية.

الموقف الأمريكي تجاه مدينة القدس منذ قيام دولة إسرائيل غامض، ومتناقض على صعيد الخطاب والسلوك السياسي المعلن، وكانت الولايات المتحدة بعيدة كل البعد عن المطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية، مع أنها حاولت دائماً إظهار نفسها متوافقة مع الشرعية الدولية، ومع تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية بشكل عام، وبالقدس بشكل خاص، حتى لا تبدو معادية للشعب العربي والفلسطيني، أما من الناحية العملية فقد تماشت المواقف الأمريكية مع المواقف الإسرائيلية إلى حد التطابق، وهذا بفعل ضغوط الكونغرس الأمريكي عليها، والذي يعتبر الأكثر ارتباطاً بالمنظمات اليهودية الأمريكية، باعتبارات التمويل السياسي.
الموقف الأمريكي تجاه مدينة القدس منذ قيام دولة إسرائيل غامض، ومتناقض على صعيد الخطاب والسلوك السياسي المعلن، وكانت الولايات المتحدة بعيدة كل البعد عن المطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية، مع أنها حاولت دائماً إظهار نفسها متوافقة مع الشرعية الدولية، ومع تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية بشكل عام، وبالقدس بشكل خاص، حتى لا تبدو معادية للشعب العربي والفلسطيني، أما من الناحية العملية فقد تماشت المواقف الأمريكية مع المواقف الإسرائيلية إلى حد التطابق، وهذا بفعل ضغوط الكونغرس الأمريكي عليها، والذي يعتبر الأكثر ارتباطاً بالمنظمات اليهودية الأمريكية، باعتبارات التمويل السياسي.

هناك العديد من الانعكاسات التي يمكن أن تترتب على قرار الرئيس ترامب بخصوص مدينة القدس وسكانها، لأن هناك الكثير من التهديدات والتوقعات التي تقلق سكان المدينة، فستعمل إسرائيل على تحويل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى صراع إسلامي مسيحي، تتعاون فيه إسرائيل والولايات المتحدة على إفراغ المدينة المقدسة بشكل خاص والضفة الغربية بشكل عام من سكانها المسيحيين، من خلال زيادة الضغوط الاقتصادية والمغريات المادية للهجرة إلى كندا والولايات المتحدة، مما يؤدي إلى إخلاء هجرة عشرات الآلاف من السكان المسيحيين.

يرى الكاتب أن القدس تسير في سيناريو إحكام السيطرة وفقدان الأمل للفلسطينيين، إن احتلال إسرائيل للمدينة المقدسة منذ عام 1967م، في ظل غياب سيناريو فلسطيني أو عربي واضح، يعطي لإسرائيل الفرصة لتنفيذ سياستها الهادفة لحسم مستقبل المدينة، كما أن الهوية المقدسية يمكن أن تسير وفق اتجاهين: أحدهما البقاء كأقلية تحافظ على حق الإقامة الدائمة، ما يعني عدم الدمج الكلي للمواطنين المقدسيين في إسرائيل، والآخر منح الأقلية الفلسطينية في مدينة القدس الجنسية الإسرائيلية بقوة القانون، ودمجهم ضمن المشروع الإسرائيلي الواضح، وهنا يضطر المواطن المقدسي للقبول بالأمر الواقع، مع وجود رابط تاريخى بحقه فى المدينة المقدسة.

تداعيات القرار الأمريكي:

يعد القرار الذى أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمثابة رصاصة الرحمة لعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية التي ترعاها الولايات المتحدة، إن تداعيات القرار خطيرة خاصة على مستقبل مدينة القدس، فقد أشارت صفقة القرن في أحد بنودها إلى أن القدس لن تكون عاصمة للفلسطينيين، بل ستكون أبو ديس هي العاصمة، بيد أن هذا القرار أعطى إسرائيل اندفاعاً شديداً نحو التوسع الاستيطاني في مدينة القدس ومحيطها، بهدف تغيير الوضع الجغرافي لها لتصبح " القدس الكبرى"، وهو ما يؤدي في النهاية إلى زيادة في عدد الإسرائيليين في المدينة المقدسة، ويحسم المسألة الديمغرافية فيها.

مما زاد الطين بلة، قيام الإدارة الأمريكية في مارس عام 2019م بدمج قنصلية الولايات المتحدة العامة في مدينة القدس بسفارة الولايات المتحدة لدى إسرائيل لتشكلا بعثة دبلوماسية واحدة، وقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي (مايك) في أكتوبر 2018م إنشاء بعثة دبلوماسية واحدة في القدس موضحا أن هذه الخطوة لن تشكل تغييرا في السياسة الأمريكية تجاه مدينة القدس ولكنها تهدف إلى تحسين" الأداء والفاعلية للمواطنين الفلسطينيين والإسرائيليين".

لقد صار القرار الأمريكي عملاّ محفّزاّ للعقل الفلسطيني السياسي، للخروج من حالة التقوقع السياسي الذي أصاب التسوية الأمريكية، ومواجهة التوجهات الأمريكية الجديدة، التي اعتبرت انقلاباً على مشروع التسوية الفلسطينية الإسرائيلية، الذي كانت ترعاه الولايات المتحدة لوقت طويل، حيث إنّ هذا القرار يتناقض مع ما تم تسويته من تفاهمات مبدأيه بين الطرفين.

وقف المساعدات عن السلطة الفلسطينية ووقف تمويل الأونروا

تصنف المساعدات الأمريكية المقدمة للمؤسسات الفلسطينية إلى ثلاثة تصنيفات أساسية، فالتصنيف الأول: عبارة عن المساعدات الإنمائية الثنائية، أي من الحكومة الأمريكية إلى السلطة الفلسطينية مباشرة، والثاني: يمثل المساعدات الموجهة من خلال (USAID) إلى المنظمات غير الحكومية " لتطوير البنية التحتية للصحة والتعليم والمساعدات الإنسانية الأساسية"، والثالث: عبارة عن المساعدات الموجهة إلى الأونروا عن طريق الامم المتحدة.

تنوعت مصادر الدعم للسلطة الفلسطينية وشملت معظم الدول المتقدمة والمؤسسات الدولية والإقليمية والعربية والإسلامية. وتربعت المساعدات المقدمة من الاتحاد الأوروبي على رأس قائمة المانحين دوماً، وبنسبة لا تقل عن حوالى (30%) من حجم المساعدات تليها المساعدات الأمريكية وبنسبة تصل إلى (15%) على وجه التقريب للفترة كلها. وتفيد الإحصاءات أنّ حجم هذه المساعدات وصل إلى (5.7) مليار دولار منذ إنشاء السلطة حتى عام2019 م، وتشمل المساعدات المباشرة إلى لسلطة أو دعم الأونروا والقطاعات الاقتصادية المختلفة والمؤسسات الأهلية

مرت المساعدات المالية الأمريكية المقدمة للسلطة الفلسطينية بعدة مراحل، وتتميز تلك المراحل تتميز بالعلاقة البندولية، وذلك حسب الرضا الأمريكي عن أداء السلطة، والتزاماتها بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، فقد بدأت تلك المساعدات بمرحلة الصعود مع بدء العملية السلمية، كما مرت المساعدات بمرحلة الهبوط في ظل الحكومة الفلسطينية العاشرة التي ترأستها حركة حماس، مع تأكيد إدارة كلٍ من الرئيس بوش (الابن) والرئيس باراك أوباما على عدم التعامل مع الحكومة الفلسطينية في ظل عدم اعترافها بالاتفاقيات والالتزامات الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية.

بدأت قصة المساعدات المرتبطة بعملية السلام، مع انعقاد مؤتمر الدول المانحة في واشنطن في أكتوبر من العام1993، وكان الهدف الاساسي لهذا المؤتمر هو حشد المساعدات للشعب الفلسطيني، ووضع آلية لتنسيق المساعدات المالية والفنية للسلطة الفلسطينية، لتمكينها من إدارة المناطق الفلسطينية التي ستؤول إليها بموجب الاتفاقيات السياسية مع الجانب الإسرائيلي، إضافة إلى دورها في إعادة تأهيل البنية التحتية، وتمويل إدارة عملية التنمية في الأراضي الفلسطينية، وجاء هذا التحرك الدولي السريع لإكساب اتفاق أوسلو مصداقية اقتصادية عند الفلسطينيين الذين أبدوا حذرًا وترددًا في دعم الترتيبات السياسية والأمنية المنبثقة عنه.

يقول الكاتب : "إنّ هذه المساعدات لم تكن سوى سياسة أمريكية لتطويع الفلسطينيين للدخول في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، هذا ما اتضح بعد فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية في الأراضي الفلسطينية عام 2006م، ومنذ ذلك الوقت بدأت هذه المساعدات ترتبط بتمويل الإرهاب (المقاومة الفلسطينية) ودعم الشهداء والأسرى والجرحى الذين هم من وجهة النظر الإسرائيلية والأمريكية أحد ركائز "الإرهارب"

هذه ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها الإدارة الأمريكية قراراً بوقف المساعدات عن الفلسطينيين، لقد جمدت عام 2016م مبلغ (221) مليون دولار من المنحة التي تقدمها سنويا للسلطة الفلسطينية، والبالغة إجمالا (380) مليون دولار، بسبب تخصيص السلطة الفلسطينية جزءا من موازنتها للأسرى الفلسطينيين فى سجون إسرائيل.

وقف المساعدات الأمريكية للأونروا:

يشكل حق العودة بالنسبة للفلسطينيين مسألة أساسية في مسار القضية الفلسطينية بشكل عام، والمفاوضات مع إسرائيل بشكل خاص، حيث يتوزع هؤلاء اللاجئون على الضفة الغربية وقطاع غزة ودول في المنطقة، مثل الأردن ولبنان وسوريا، وكان حوالي(750) ألف فلسطيني قد فروا أو طردوا من أراضيهم عند إنشاء إسرائيل في 1948م. وعند إحصاء أحفاد هؤلاء، يرتفع عدد هؤلاء اللاجئين إلى خمسة ملايين حسب الأونروا.

ازدادت التهديدات الأمريكية لمنظمة التحرير من ناحية، ولأى دولة أخرى تصوت ضد العقوبات التي تفرضها على الفلسطينيين وهددت بقطع المساعدات عنها من ناحية أخرى، وقد استخدمت استراتيجية قطع المساعدات لإجبار هذه الدول على الرضوخ إلى قراراتها المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وبالتالي عملت الإدارة الأمريكية على ممارسة الضغوط على القيادة الفلسطينية منذ توليها الحكم، لتخويفها وإجبارها على قبول الحلول المفروضة عليها عبر عدة خطوات منها: اعتبار منظمة التحرير منظمة إرهابية تبعاً لقانون الكونغرس 1987م، ورفضوا كل الطلبات الفلسطينية بإلغاء هذا القانون.

كما اقتطعت إدارة ترامب حوالي 20 مليون دولار مخصّصة لمشافي القدس المحتلة، وقبلها إلغاء الدعم الأمريكي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ووقف كافة الدعم المالي عن السلطة الفلسطينيّة، كما أن هذه العقوبات لن تقتصر على منظمة التحرير فقط، لكنها ستطال محكمة الجنايات الدولية إذا ما استجابت للمطالب الفلسطينية وبدأت بالتحقيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وورد في البيان: إن لاحقتنا المحكمة، نحن وإسرائيل أو حلفاء آخرين، فلن نجلس صامتين".

تعتمد فلسفة الرئيس ترامب على حل الصراع بالضغط على الطرف الأضعف وهم الفلسطينيون، وليس على الجانب الإسرائيلي وهو المحتل، وهذا ما لم يستطع الرؤساء الذين سبقوه أن يقوموا به، لهذا ظلوا يديرون الصراع، لعدم قدرتهم الضغط على الطرف الأقوى، وقد جاء ترامب ليحل الصراع بالقوة من خلال الضغط وابتزاز الفلسطينيين في قضايا حساسة وجوهرية كاللاجئين والحدود والقدس، كما قدم حل تصفوى لقضية القدس، التي كانت عالقة بين طرفي النزاع منذ بداية الصراع، وخاصة أن الحلم الفلسطيني مرتبط بالقدس لما لها من قدسية عند الفلسطينيين.

إن القرار الأمريكي وما تلاه من إجراءات قد أعطى إسرائيل الضوء الأخضر في زيادة حدة الاستيطان داخل المدينة المقدسة، وقد زادت وتيرته بعد هذا القرار بصورة غير مسبوقة. فالسياسات والإجراءات الإسرائيلية بحق سكان المدينة المقدسة قد ارتفعت، تحت ذرائع هذا الاعتراف الذي حاولت الولايات المتحدة شرعنته من خلال قراراتها الأخيرة.

من هنا يتبين من خلال دراسة الكاتب أبو زيد أن الولايات المتحدة هي التي قامت بإنشاء الأونروا، لهدف كانت تسعى إليه، وهو العمل على جعل قضية اللاجئين قضية إنسانية وليست سياسية، أما اليوم عندما هدد الرئيس ترامب بإلغائها كان يهدف القضاء على هذه القضية نهائياً.

لم يكن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل نتيجة تولى الرئيس ترامب منصب الرئاسة الأمريكية وإصداره هذا القرار، بل كانت نتاج سياسات أمريكية تراكمت من خلال انحيازها لإسرائيل عبر سنوات طوال، فقد صدر قرار الكونغرس الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ولم يقف حائلاً بين صدوره وتنفيذه إلا رغبة الإدارة الأمريكية في تأجيله لرغبتها في عدم توقف المسيرة السلمية وخوفها أن يؤثر تنفيذ القرار بشكل سلبى على أمنها القومي، حتى جاء الرئيس ترامب، وعمل على تنفيذه بسياسة لم يستطع سابقوه القيام بها، كما تجاهل القرارات والمواثيق الدولية، ولم يعط اهتماماً للمنظمات الدولية التي اعتبرت قضية القدس من قضايا الحل النهائي، والقدس الشرقية أرض محتلة، لذا تعتبر الحقبة التي بدأها الرئيس ترامب بداية لعهد التفرد والإملاءات الأمريكية على المنطقة.

إن القرار الأمريكي وما تلاه من إجراءات قد أعطى إسرائيل الضوء الأخضر في زيادة حدة الاستيطان داخل المدينة المقدسة، وقد زادت وتيرته بعد هذا القرار بصورة غير مسبوقة. فالسياسات والإجراءات الإسرائيلية بحق سكان المدينة المقدسة قد ارتفعت، تحت ذرائع هذا الاعتراف الذي حاولت الولايات المتحدة شرعنته من خلال قراراتها الأخيرة.
هدفت الولايات المتحدة إقامة بإنشاء الأونروا، للعمل على جعل قضية اللاجئين قضية إنسانية وليست سياسية، أما اليوم عندما هدد الرئيس ترامب بإلغائها كان يهدف القضاء على هذه القضية أيضاً، حيث كانت الإدارة الأمريكية تتخذ إجراءات عديدة لتصفية قضية اللاجئين، ومنذ إنشاء الأونروا طخت الولايات المتحدة الأموال إليها والهدف منها العمل على تحويل القضية إلى مساعدات، أما الآن فقد انتهت هذه القضية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية بوقف تمويلها.

أما أهم ما توصل له الكاتب من نتائج في دراسته:

أولاً ـ يعتبر الالتزام بأمن إسرائيل من القواعد الثابتة والمتعارف عليها بين الرؤساء الأمريكيين، فهو التزام استراتيجي لديهم تجاه منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، وتحقيق أمن اسرائيل بشكل خاص وهذا أمر ثابت. ومن المنظور الأمريكي، إنّ الدعوة لإقامة الدولة الفلسطينية بناءً على حل الدولتين شكل توتراً فى العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة.

ثانياً ـ عملت الإدارات الأمريكية بقوة لتحييد الأمم المتحدة فيما يخص القدس بشكل خاص والقضية الفلسطينية بشكل عام.

ثالثاً ـ تؤكد سياسات الكونغرس الأمريكي تجاه منطقة الشرق الأوسط عبر الزمن على الانحياز الواضح للموقف الإسرائيلي، وانتهاج سياسة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين، من خلال مصادقته على تشريع يطالب بتحويل مقر السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس فى ظل عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية.

رابعاً ـ لم يكن التحول في السياسة الأمريكية واعترافها بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل وليد اللحظة، بل إنها توالت عبر الإدارات السابقة لفترة الرئيس ترامب الذى كشف عن وجه السياسة الأمريكية تجاه المدينة المقدسة، وقام بتطبيق هذا القرار الصادر من الكونغرس الأمريكي عام 1995م.

خامساً ـ تميز الرئيس الأمريكي الحالي ترامب عن سابقيه من رؤساء الولايات المتحدة بأنه نفّذ ما كان قد التزم به في حملته الانتخابية، فقد ظهرت شخصيته منذ بداية حكمه للولايات المتحدة من خلال عدة قرارات حاسمة لم يكن غيره يجرؤ على القيام بها.

لا يسعني في هذا المقام إلا أن أثني على هذه الدراسة الجريئة بطرحها، باعتمادها على جملة من الوثائق الرسمية، ومتابعة دقيقة لحيثيات القضية الفلسطينية داخل الإدارة الأمريكية، ودقتها للمعلومات والبيانات  التي اعتمدها الكاتب في دراسته ، التي جاءت  على قدر كبير من الشفافية والموضوعية؛ لتعطي هذه الدراسة الأرضية الكاملة للباحثين لمناقشة طروحات الرئيس الأمريكية دونالد ترامب حيال الصراع العربي الإسرائيلية ومحاولاته لإنهاء الصراع عبر بوابة حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.

ومع ذلك، يمكن القول بأن الكتاب يقدم جهدا نظريا في مجاله، أي في مجال النقاش المفاهيمي الخاص بمفهوم الثقافة في أبعادها المختلفة.

إقرأ أيضا: السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية في عهد ترامب.. قراءة في كتاب
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم

خبر عاجل