مقالات مختارة

ترامب ونتنياهو.. ولعنة ميكيافيللي!

رشاد أبو داود
جيتي
جيتي
صدق من قال إن الثابت الوحيد في السياسة هو المتغير. ليس في السياسة فقط، بل في الحياة أيضًا. فالإنسان طفلًا ليس هو صبيًا، ثم شابًا، ثم رجلًا، ثم مسنًا، ثم عجوزًا، ثم ينتظر النهاية الحتمية في التراب.
تضحك عندما ترى صورك في كل مرحلة من مراحل عمرك. هل هذا أنا؟

تنظر في المرآة وتكاد لا تصدق. أين ذهب الشعر المسترسل الأسود؟ أين ذهبت القامة المنتصبة والعضلات المفتولة؟ كيف اختفى البريق في العينين، التحدي في الإرادة، والمشي السريع إلى الهدف؟
لا.. صدق، إنها سنة الحياة.

وفي الحياة، إنها سنة السياسة وألاعيبها. هي، أعني السياسة، كأنثى تتقن الوقار في النهار والرقص في الليل. دافعها المصالح والمصالح فقط. ومن لا يدرك هذا المبدأ الذي بلا مبدأ ثابت يخسر، ومن يمارسه ينجح في الوصول إلى هدفه.

لا أخلاق في السياسة. ألم يقل الفيلسوف الإيطالي نيكولو ميكيافيللي في القرن الخامس عشر: «الغاية تبرر الوسيلة»، أي استخدام المكر والخداع والتضليل والتظاهر بالفضيلة والتخلي عن القيم الإنسانية والأخلاقية في سبيل تحقيق الأهداف السياسية؟

ولماذا نعود إلى القرن الخامس عشر؟ ألا نرى كيف يتشدق نتنياهو وعصابته بأن جيشهم هو «الأكثر أخلاقية» في العالم؟!

نعم، فالأخلاق عندهم أن تقتل سبعين ألف طفل وامرأة ومسِنّ. أن تُلقي أطنان القنابل على منازل وخيام أناس يهربون من الموت بالقنابل إلى الموت بالتجويع. أن تهدم بنايات على رؤوس ساكنيها، وتتفاخر بأنك تمارس الأخلاق!
لقد تفوقوا على ميكيافيللي بل مقارنةً بهم يبدو حَمَلًا أمام أوحش وحوش التاريخ

لقد تفوقوا على ميكيافيللي، بل مقارنةً بهم يبدو حَمَلًا أمام أوحش وحوش التاريخ.
الميكيافيللي الآخر هو دونالد ترامب، رئيس أقوى دولة في هذا العالم الغابة. وهل اختلف مبدؤه «السلام بالقوة» عن مبدأ ميكيافيللي؟!

«على حماس أن توافق على الصفقة، وإلا فُتح باب الجحيم على غزة». «إما أن تخضع لشروطنا وإلا...»، بعد هذه الـ»إلا» يقصفك بأحدث الطائرات والأسلحة، وربما بقنبلة نووية.

المصالح.. المصالح، ما أقذرها عندما يكون من يمارسها مصابًا بالنرجسية، خاليًا من الإنسانية، يرى أنه هو العالم والعالم هو. لقد كان لويس الرابع عشر ملك فرنسا أكثر تواضعًا حين قال: «أنا الدولة والدولة أنا»، ولم يقل «العالم» كما يمارس ترامب اليوم.

هؤلاء الذين يقدمون المصالح على الأخلاق يصبحون عرضة للسخرية. فها هو ترامب يخطط لاختطاف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بمحاولة رشوة قائد طائرته، وبقصف هذا البلد لأن ترامب المزهو بالقوة الأميركية يرى مصلحة في ذلك.

لكن.. الغرور خطوة أولى للسقوط. وها هو زهران ممداني، شاب من الطبقة العاملة، مسلم، يُنتخب عمدة لمدينة نيويورك مسقط رأس ترامب، ويتحداه بالبث المباشر أمام الأميركيين والعالم، هو وطبقته من المليارديريات الفاسدين.
أما نتنياهو فقد بدا كجرذ أمام من هو أقوى منه، وامتثل صاغرًا صغيرًا أمام ترامب.

الدستور الأردنية
التعليقات (0)