عقد ملتقى سياسي كبير لأول مرة في العاصمة الليبية
طرابلس يدعو للعودة إلى
الحكم الملكي الكثير من الأسئلة حول تداعيات الخطوة وما إذا كانت العودة للدستورية الملكية في
ليبيا هي الحل الواقعي للأزمة الراهنة.
وعقد الملتقى الوطني للوحدة والسلام في طرابلس تحت شعار "الدستورية الملكية الطريق لحلّ الأزمة الليبية"، وشارك فيه ساسة ومسؤولون وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني.
جولات تسويقية ونقاشية
وخلال كلمته الافتتاحية.. كشف نجل ولي العهد خلال الحكم الملكي، محمد السنوسي أنه أجرى خلال عامين نقاشات وجولات موسعة مع مختلف المكونات السياسية والاجتماعية تناولت مستقبل ليبيا وصياغة الشكل الأمثل لبناء دولة المؤسسات.
وأكد السنوسي أن "المرحلة الراهنة تستوجب من جميع الليبيين مدّ أيديهم إلى بعضهم البعض دون أي استبعاد أو تهميش أو إقصاء، مشيرا إلى أن
الملكية الدستورية قد تكون طوق النجاة الذي يجتمع حوله الليبيون لإنقاذ البلاد، كما كانت إطارًا لبناء الدولة الليبية الحديثة على يد الآباء المؤسسين"، وفق تقديراته.
والسؤال: هل يكون الحكم الملكي حلا واقعيا للأزمة الراهنة في ليبيا أم أنه ينسف مكتسبات الثورة الليبية ومنها الانتخابات والتداول السلمي للسلطة؟
اظهار أخبار متعلقة
غير توافقي وتجاوز لمكتسبات الثورة
من جهتها، قالت عضو مجلس النواب الليبي، ربيعة بوراص إن "انعقاد ملتقى بهذا الحجم لأول مرة في طرابلس للحديث عن “العودة إلى الحكم الملكي” يعبر عن حالة فراغ سياسي تبحث فيها بعض الأطراف عن مخارج مختلفة للأزمة، وهذا متوقع في ظل الانسداد الحالي، لكن النقاش حول شكل الدولة لا يمكن أن يختزل في ملتقى، ولا في مبادرة تحمل توجهاً واحداً دون غيره".
وأشارت في تصريحاتها لـ"عربي21" إلى أن "تأكيد الملتقى أن الملكية الدستورية هي الطريق لحل الأزمة، فهو رأي ضمن عدة آراء، وليس حقيقة سياسية متفقا عليها، والإشارة إلى جولات نجل ولي العهد مع مكونات داخلية وأطراف إقليمية ودولية للتسويق للملكية، يعكس وجود تحرك سياسي منظم وليس مجرد نقاش فكري، وهذا ما يطرح سؤالاً جوهرياً حول الهدف الحقيقي من المبادرة، ومن هنا يجب رسم خط واضح للحراك"، وفق طلبها.
وأضافت: "إذا كان الغرض هو الدستور باعتباره عقداً وطنياً جامعاً فهو مطلب مشروع ومسلك إلزامي لبناء الدولة، لكن إذا كان الهدف هو التمهيد لعودة نظام ملكي أو تمرير ترتيبات مسبقة تتعلق بتولي ولي عهد، فذلك لا يمثل حلاً واقعياً للأزمة، بل يعيد فتح صراع خطير حول شكل الدولة ويضيف انقساماً جديداً إلى الانقسامات الحالية".
وتابعت لـ"عربي21": "الملكية، في السياق الليبي اليوم، ليست خياراً توافقياً ولا تمتلك حواضن سياسية أو اجتماعية كافية تجعلها حلاً عملياً، بل إن طرحها بوصفها “الحل الوحيد” يعد تجاوزاً للمكتسبات التي تحققت بعد الثورة، وعلى رأسها الانتخابات والتداول السلمي للسلطة، وهو ما قد يخلق صداماً جديداً بدل أن يقدم مخرجاً حقيقيا".
وختم حديثها بالقول: "ليبيا تحتاج إلى دستور توافقي، ومسار انتخابي نزيه، وقيادة تنبثق من الإرادة الوطنية لا من ترتيبات خارجية أو وراثية أو عائلية، وأي مبادرة لا تنطلق من هذه القاعدة ستظل مبادرة تنتج أزمة جديدة أكثر مما تقدم حلا"، حسب رأيها.
إضافة لحلول الأزمة
في حين رأت عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي، نادية عمران أن "التوجه للملكية الدستورية كغيره من التوجهات المطروحة من فئة معينة كحل للأزمة الليبية هو إضافة إلا ان دستور 1951 يحتاج إلى الكثير من التعديلات".
وأكدت في تصريح لـ"عربي21" أن "هذه التعديلات لدستور 51 تستوجب معها صياغة دستور جديد، أما بخصوص شكل الحكم ونظامه فهو قرار يملكه الليبيون وفقط ولا يمكن أن يفرض عليهم"، كما صرحت.
اظهار أخبار متعلقة
طرح محفوف بالمخاطر
الأكاديمي والإعلامي الليبي، عاطف الأطرش رأى من جانبه أن "الملتقى يمثل تطورا سياسيا لافتا يعكس حالة البحث المتواصل عن مخرج للأزمة الليبية المستعصية، والملفت أنه ولأول مرة يظهر هذا الطرح في طرابلس بهذا الزخم وانعدام مثيله في شرق ليبيا، إضافة إلى حضور شخصيات سياسية وأحزاب أعلنت بوضوح أن “الملكية الدستورية” قد تكون الطريق الأقرب لإعادة بناء الدولة".
وأوضح أن "الجولات التي كشف عنها السنوسي تؤكد أن التحرك ليس رمزيا فقط، بل جزءا من محاولة منظمة لاستطلاع فرص عودة النظام الملكي، الذي يرى أنصاره أن دستور 1951 يوفر مرجعية جاهزة يمكن أن تعيد الشرعية وتوحد المؤسسات في ظل فشل الأجسام القائمة في إنتاج انتخابات أو اتفاق سياسي، كما يعتبرون أن شخصية ملكية محايدة قد تسهم في نزع فتيل الصراع"، حسب كلامه.
لكنه استدرك قائلا: "لكنّ هذا الطرح يثير مخاوف واسعة، إذ يرى معارضوه أنه قد ينسف أحد أهم مكتسبات ثورة فبراير: حق الليبيين في انتخاب رأس الدولة والتداول السلمي على السلطة، كما أن القبول بالملكية لا يزال محدودًا وغير قادر على تشكيل توافق وطني شامل، فضلًا عن أن الواقع الأمني الممزّق يجعل أي تغيير جذري في شكل النظام محفوفًا بالمخاطر، وتبدو الملكية خيارا مطروحا للنقاش، لكنها ليست حلا واقعيا في الظروف الحالية دون توافق واسع واستفتاء شعبي"، وفق تصريحاته لـ"عربي21".