قال وزير الخارجية
الإيراني عباس عراقجي، في مقابلة مع مجلة الإيكونوميست، إن بلاده مستعدة لأي اتفاق، بشرط أن يكون عادلاً ومتوازناً، متهماً الولايات المتحدة بمحاولة فرض مطالبها، حيث يتحدث الأمريكيون عن الاتفاق، وهذا أمر جربناه بالفعل، كما أكد أن طهران تعتبر أي اتفاق بشأن "تصفير التخصيب" يعد بمثابة "خيانة"، وأنها "لن تقبل مطلقًا" بهذا الشرط.
وكشف عراقجي، قائلا إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أرسل في وقتٍ سابق رسالة إلى المرشد علي خامنئي، تضمنت خيارين فقط: إما الحرب والدمار، أو التفاوض المباشر مع واشنطن بهدف إنهاء تخصيب اليورانيوم وبرنامج طهران الصاروخي، وأوضح عراقجي، أن طهران رفضت التفاوض المباشر، وصممت بدلاً من ذلك على مفاوضات غير مباشرة، وفي ما يتعلق باستئناف المفاوضات مع واشنطن، قال عراقجي إن تقييم طهران هو أن الولايات المتحدة لا تبحث عن مفاوضات حقيقية، بل عن تحقيق "مطالب مضرة بالمصالح الوطنية" لإيران.
انتهاء "اتفاق القاهرة"
عراقجي أعلن أن "اتفاق القاهرة" بشأن التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية انتهى فعليًا بعد تفعيل "آلية الزناد"، مضيفًا أن طهران ستتعاون فقط بشأن المنشآت غير المتضررة ضمن إطار القوانين، مؤكدا أن إيران لن تسمح لفرق الوكالة الدولية بدخول منشآتها
النووية التي تعرضت للقصف خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل قبل التوصل إلى اتفاق ملموس.
فيما أصدرت الوكالة الأممية قرارا يطالب طهران بتعاون "كامل وبدون تأخير"، وقال عراقجي، إن "المنشآت التي تعرضت للهجوم لها وضعها الخاص، وإلى حين اتخاذ قرار والتوصل إلى نتيجة بيننا وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية والآخرين، فإن التعاون غير ممكن"، فيما لم يوضح الوزير ما قد يستلزمه مثل هذا الاتفاق.
اظهار أخبار متعلقة
وفي بيان نشرته
وزارة الخارجية الإيرانية عقب صدور القرار، قال عراقجي "من خلال هذا التحرّك والاستخفاف بتفاعل إيران ونواياها الحسنة، شوّهت هذه البلدان مصداقية الوكالة الدولية للطاقة الذرية واستقلاليتها وتعرقل عملية التفاعل والتعاون بين الوكالة وإيران"، لتعلن الخارجية بعدها وبشكل رسمي إنهاء اتفاقية القاهرة المبرمة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تنص على استئناف التعاون بين الجانبين.
ما هو اتفاق القاهرة؟
وقعت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في 10 أيلول/سبتمبر الماضي بالعاصمة المصرية القاهرة، اتفاقاً لاستئناف التعاون الفني بين الجانبين، ومنها الإجراءات العملية لعودة أنشطة تفتيش المنشآت النووية، وسط تحذيرات إيرانية من أن تطبيق عقوبات الأمم المتحدة يعني نهاية "الخطوات العملية" المنصوص عليها في الاتفاق.
وجاء الإعلان عقب اجتماع استمر قرابة 3 ساعات بين وزيري الخارجية المصري بدر عبد العاطي، والإيراني عباس عراقجي، والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل جروسي، ووفقاً للخارجية المصرية، عقدت مشاورات تناولت الملف النووي الإيراني أسفرت عن التوصل إلى اتفاق بين طهران والوكالة لاستئناف التعاون الفني بينهما.
"البرنامج النووي الإيراني لا يمكن إزالته بالقوة"
في لقاء مع شبكة "
سي أن ان"، قال كمال خرازي، مستشار السياسة الخارجية للمرشد خامنئي،إن
إيران مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع الولايات المتحدة إذا أجريت باحترام، في حين أصر على أن طهران لن تتحرك من الموقف الذي اتخذته قبل أن تهاجمها الولايات المتحدة وإسرائيل في حزيران/يونيو الماضي.
وأكد خلال المقابلة من طهران قائلا: "عليهم أن يبادروا بالخطوة الأولى لإظهار استعدادهم للتفاعل معنا وفقًا للشروط التي نضعها... يجب أن يكون ذلك قائمًا على المساواة والاحترام المتبادل"، معربا في الوقت نفسه عن أسفه لكون الرئيس ترامب لا يؤمن بالحوار الدبلوماسي بل يفضل استخدام القوة لتحقيق أهدافه"، وأضاف: "البرنامج النووي الإيراني محلي ولا يمكن إزالته ببساطة بالقوة".
تجميد لا خروج عن الاتفاق
وفي محاولة لتخفيف حدة اللهجة على ما يبدوا، أكدت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، أن البرنامج النووي الإيراني "كان سلميا دائما"، مؤكدة أن طهران تواصل التعاون مع وكالة الطاقة الذرية بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي.
وأوضحت أن إيران لم تخرج من الاتفاق لكنها جمدت تنفيذه، مشيرة إلى الظروف الحالية التي تمنع العمل العملي على تخصيب اليورانيوم، ورغم ذلك، أكدت أن الأنشطة النووية السلمية الإيرانية، وخاصة في مجالات الطب والزراعة والبحث العلمي، لا تزال تعمل بكامل طاقتها وتحت إشراف المنظمة الوطنية للطاقة الذرية في البلاد.
إلزام إيران بالإفصاح عن مخزونها من اليورانيوم
واعتمد مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في جلسته غير العلنية، قرارًا يُلزم إيران بـ"
الإبلاغ فورًا" عن وضع مخزونات اليورانيوم المخصّب، والمواقع النووية المتضررة خلال "حرب الـ 12 يومًا"، ومن بين 35 عضوًا في مجلس الحكام، صوّتت 19 دولة لصالح القرار المقترح من الولايات المتحدة والثلاثي الأوروبي (فرنسا وألمانيا وبريطانيا)، فيما عارضته ثلاث دول، وامتنع 12 عضوًا عن التصويت.
ونقلت وكالة "رويترز"، عن مصادر دبلوماسية أن هذا القرار يهدف إلى تمديد وإعادة تحديد مهمة الوكالة لمراقبة والإبلاغ عن جوانب من البرنامج النووي الإيراني، كما يطالب القرار طهران بتقديم الردود المطلوبة وتوفير الوصول اللازم للمفتشين في الوكالة دون تأخير.
ويُشار إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا قد أكدت، في بيان مساء الأربعاء 19 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري بأن: "رسالتنا واضحة، وهي على إيران حل مسائل الضمانات دون تأخير. يجب على إيران تقديم التعاون العملي المطلوب من خلال توفير الوصول، والإجابة عن الاستفسارات، واستعادة المراقبة، لكي تتمكن الوكالة من أداء مهامها وتسهيل عملية إعادة بناء الثقة".
إيران تراهن على وساطة سعودية
وفي محاولة لاستثمار التقارب السعودي الأمريكي بحثا عن وساطة الرياض لإنقاذ المحادثات النووية المتوقفة، ذكرت وسائل إعلام إيرانية وسعودية، أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بعث برسالة إلى الأمير محمد، وذلك قبل يوم واحد من الزيارة التي بدأها ولي العهد إلى واشنطن، وقال مصدران إقليميان لوكالة "
رويترز" إن بزشكيان أكد في الرسالة أن إيران "لا تسعى للمواجهة"، وأنها تهدف إلى تعاون إقليمي أعمق، وأنها لا تزال "منفتحة على حل النزاع النووي عبر الدبلوماسية، شريطة ضمان حقوقها".
اظهار أخبار متعلقة
الحرس الثوري يستعد للحرب
وبالتزامن مع تصريحات وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي التي أكد فيها أن بلاده مستعدة بالكامل لأي هجوم، إلا أن ذلك لا يعني الرغبة في دخول الحرب، أكد المتحدث باسم الحرس الثوري العميد علي نائيني، أن افتراض الحرس هو أن الحرب قد تندلع في أي وقت، مشيراً إلى أن القوات رفعت من مستوى استعدادها تبعاً لهذا التقدير.
وقال نائيني، في كلمة ألقاها خلال ندوة بجامعة طهران، إن إيران لم تكن يوماً البادئة بأي حرب، مضيفاً أن التركيز منصبّ على تعزيز القدرات الدفاعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في المجالات العسكرية، وأوضح المتحدث أن من يبدأ الهجوم غالباً ما يسعى إلى تحقيق عنصر المفاجأة للحصول على تفوّقٍ ميداني مؤقت، مذكّراً بأن خلال الحرب المفروضة، استطاعت إيران حيثما باغتت العدو أن تحقق نتائج إيجابية، وأضاف أن العنصر الحاسم في المعارك ليس الضربة الأولى فحسب، بل القدرة على استعادة القوة وتغيير موازين ساحة القتال بسرعة بعد الهجوم.
تحول من حرب الظل إلى الضربة المباشرة
ومع تصاعد المخاوف من تجدد الحرب، قال المبعوث الأمريكي السابق لإيران إليوت أبرامز إن الاشتباكات المباشرة الأولى بين إسرائيل وإيران، تسببت في خسائر فادحة للدفاعات الجوية والبرنامج النووي لطهران، ووصف هذه الخطوة بأنها سوء تقدير مكلف من قبل طهران.
وقال أبرامز، الذي خدم في عهد الرئيس دونالد ترامب من عام 2020 إلى عام 2021، إن تحول طهران من حرب الظل إلى الضربة المباشرة أدى إلى نتائج عكسية بعد أن بلغت التوترات ذروتها في حرب حزيران/يونيو، مما ألحق أضرارا جسيمة بالأصول العسكرية الإيرانية الرئيسية.
منشآت إيران النووية لم تُدمّر
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد قال خلال منتدى الاستثمار الأميركي- السعودي، إن إيران ترغب حاليًا في التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، مضيفاً: "يريدون أن يروا ما إذا كان بإمكانهم الوصول معنا إلى اتفاق، وربما سنفعل ذلك"، وفي آذار/مارس الماضي، كان ترامب، قد بعث برسالة إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي، قائلاً حينها إنه يأمل أن تتجه إيران نحو التفاوض لأنه "الأفضل لها". وبعد الرسالة، شاركت طهران في عدة جولات تفاوضية مع واشنطن، لكنها رفضت مطلب الولايات المتحدة بوقف التخصيب داخل إيران، وخلال الحرب التي استمرت 12 يومًا، استهدفت الولايات المتحدة وإسرائيل منشآت نووية إيرانية، فيما قال ترامب إنها "دُمّرت"، بينما شكك دبلوماسيون غربيون في ذلك، مؤكدين أن البنية التحتية لتلك المنشآت النووية لم تُمحَ بالكامل.
اظهار أخبار متعلقة
وأكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في حديثه مع مراسل "إيران إنترناشيونال"، أن جميع المنشآت النووية في إيران لم تُدمّر، وإنما تعرّض جزء منها لـ "أضرار بالغة"، وشدد على أن تدمير جزء من هذه المنشآت لا يمكن أن يكون سببًا لوقف عمليات التفتيش، وأن مراقبة الوكالة ما زالت ضرورية.
من جهته، قال الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية نورمان رول، إن البرنامج النووي الإيراني "تضرر بشدة، إن لم يكن دمر"، مشيرا إلى انهيار قدراته في أجهزة الطرد المركزي والتحويل.
ولكنه حذر من أن ترسانة الصواريخ الإيرانية وفيلق القدس لا تزال سليمة، وأن طهران من المرجح أن تحافظ على موقف هجومي كوسيلة لإظهار المساواة وردع الخصوم.
"نشاط بحثي مشبوه"
وفي تحليل نشره مؤخرا معهد العلوم والأمن الدولي، ورد أن منشأة طالقان 2 السرية للغاية في إيران، وهي المنشأة التي لعبت دورا محوريا في برنامج الأسلحة النووية في البلاد بين عامي 1999 و2003 في إطار مشروع AMAD، تخضع الآن لإعادة بناء وتوسعة سريعة، وعلى الرغم من أن المراقبين لاحظوا في السنوات الماضية نشاطاً بحثياً مشبوهاً في الموقع، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت قد قدرت منذ فترة طويلة أن موقع طالقان-2 خامل إلى حد كبير منذ أن أوقفت إيران برنامجها للأسلحة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
ومع ذلك، تشير صور الأقمار الصناعية المنشورة حديثًا إلى تجدد النشاط، حيث تُظهر أعمال بناء جارية وما يبدو أنه غرفة أسطوانية طويلة، يُرجَّح أنها وعاء لاحتواء مواد شديدة الانفجار، يُقدَّر طول الهيكل بحوالي 36 مترًا وقطره 12 مترًا، ويقع داخل مبنى يبلغ طوله حوالي 40 مترًا وعرضه 17 مترًا. عادةً ما تُستخدم هذه المعدات في اختبارات التسليح في المراحل المبكرة، ويشير الخبراء إلى أنه إذا استأنفت إيران جهودها لتطوير سلاح نووي، فسوف تحتاج أولاً إلى إجراء ما يسمى "الاختبارات الباردة" في منشآت مثل طالقان 2 قبل التقدم إلى "الاختبار الساخن" الكامل، حيث يتم تنشيط المواد النووية.