أنهى الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب في جولته الشرق الأوسطية، زيارة رسمية إلى
الخليج، تمحورت حول الصفقات
أكثر من الدبلوماسية، حيث عقدت
منظمة ترامب شراكات عقارية ضخمة في السعودية وقطر
والإمارات، وسط تحذيرات من تضارب مصالح بين مهامه السياسية ومكاسب عائلته
التجارية.
ونشرت صحيفة
"
الغارديان" تقريرًا يسلط الضوء على البعد التجاري لرحلة دونالد ترامب
إلى الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنها تخدم بالدرجة الأولى مصالح عائلته الاقتصادية؛
حيث تعقد منظمة ترامب صفقات عقارية ضخمة في السعودية وقطر والإمارات تدر ملايين
الدولارات على المنظمة دون الحاجة لاستثمارات مباشرة منها.
وقالت الصحيفة،
في تقريرها الذي ترجمته "
عربي 21"، إنه في أول يوم له بعد عودته إلى
البيت الأبيض، سأل الصحفيون ترامب عن وجهته الخارجية الأولى، فاغتنم الفرصة
ليستعرض قدراته في إبرام الصفقات، متحدثًا عن كيفية إقناع السعودية سابقًا بضخ
مئات المليارات في الاقتصاد الأمريكي.
وأضافت أن
ترامب، الذي كسر الأعراف الدبلوماسية عام 2017 بجعل السعودية محطته الخارجية
الأولى بدلًا من كندا أو بريطانيا، ألمح مجددًا لاحتمال تكرار الزيارة. وقال:
"فعلت ذلك مع السعودية لأنهم وافقوا على شراء منتجات بقيمة 450 مليار دولار.
وإذا أرادوا شراء 500 مليار أخرى – بعد تعديلها بسبب التضخم – فقد أعود إليهم".
وبحسب الصحيفة،
جاء الرد سريعًا؛ ففي 23 كانون الثاني /يناير، تعهد ولي العهد السعودي محمد بن
سلمان باستثمار 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي خلال السنوات الأربع المقبلة.
ورغم أن تصريحات
بن سلمان تلاشت وسط زخم الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب، فإن الأخير أظهر
بوضوح أن زيارته الرسمية الأولى ستكون لمن يدفع أكثر.
وبينما يروّج
ترامب لرحلته على أنها فرصة لعقد صفقات تخدم الأمريكيين، يستغلها أيضًا لتعزيز علاقاته
مع قادة الخليج وتأمين مصالح عائلته التجارية، إذ اختار السعودية أولى محطاته،
تليها قطر والإمارات، مستفيدًا من ثراء هذه الدول واستعدادها لضخ استثمارات سخية.
وخلال ولايته
الأولى، بالغ ترامب في تصوير دور إدارته في إبرام صفقات اقتصادية مع السعودية، من
بينها صفقة أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار، رغم أن كثيرًا من بنودها كان مؤقتًا أو
تم التفاوض عليها في عهد أوباما.
وتبدو صفقات
عائلة ترامب الخاصة أوضح بكثير، حيث يزور دولًا تحتضن مشاريع تحمل علامته
التجارية وتُقدّر بمليارات الدولارات، مما يثير مخاوف حقيقية من تضارب مصالح،
نظرًا لتأثير القادة الخليجيين على أعماله وشركائه.
إليك ملخصًا
لأبرز الصفقات والمشاريع الجارية في السعودية وقطر والإمارات المرتبطة بأعمال
عائلة ترامب:
السعودية
ذكرت الصحيفة أن
منظمة ترامب أبرمت صفقات ترخيص لمشروعين عقاريين كبيرين، أحدهما برج في الرياض،
والآخر برج سكني في جدة بقيمة 530 مليون دولار، دون أن تتحمل العائلة تكاليف
البناء، لكنها تحقق ملايين الدولارات من رسوم استخدام العلامة التجارية.
وبينت الصحيفة
أن شركة "دار جلوبال" التابعة لـ"دار الأركان" تقود هذه
المشاريع، وتعتمد على دعم الحكومة السعودية ورؤية 2030 الطموحة لتنويع الاقتصاد.
كما استفادت أعمال ترامب من دعم السعودية لرابطة الجولف التي يمولها الصندوق
السيادي، والتي وفرت له إيرادات كبيرة بعد خسارته لعدد من الصفقات عقب اقتحام
أنصاره لمبنى الكونغرس.
قطر
أوضحت الصحيفة أن منظمة ترامب أعلنت
الشهر الماضي عن مشروع منتجع جولف وتطوير عقاري جديد، يشرف على بنائه "دار
جلوبال" بالتعاون مع مطور حكومي قطري. يُطلق على المشروع اسم "نادي
ترامب الدولي للجولف الدوحة" ومشروع فلل ترامب الفاخر، ويتضمن ملعب جولف من
18 حفرة، وناديًا رياضيًا، وفلل على الشاطئ تحمل العلامة التجارية لترامب، وتقع
على بعد نحو 40 كيلومترًا من العاصمة الدوحة.
وتعد قطر حليفًا
قديمًا للولايات المتحدة وتستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط،
وتشكل هذه الصفقة ترخيصًا جديدًا يدر على عائلة ترامب ملايين الدولارات من رسوم
العلامة التجارية والإدارة دون الحاجة لاستثمار رأسمالي.
وأشارت الصحيفة
إلى أن مشاركة شركة الديار القطرية للاستثمار العقاري، التي تأسست عام 2005 وتُدار
بواسطة صندوق الثروة السيادي القطري، في المشروع تثير مخاوف بشأن انتهاك بند الامتيازات
الأجنبية في الدستور الأمريكي، الذي يمنع الرئيس من قبول هدايا أو دفعات كبيرة من
حكومات أو قادة أجانب دون موافقة الكونغرس.
وخلال ولاية
ترامب الأولى، تلقت شركات العائلة 7.8 ملايين دولار من 20 حكومة أجنبية، وفق تقرير
أصدره الديمقراطيون في الكونغرس عام 2024، بينما تشير تقديرات مجموعات رقابية إلى
أن المبالغ الحقيقية وصلت إلى 13.6 مليون دولار. وتحذر هذه الجهات من احتمال تجاوز
هذه الأرقام بشكل كبير خلال ولاية ترامب الثانية، خصوصًا مع توسع أعمال العائلة
التي يديرها أبناؤه في صفقات أجنبية مماثلة مع دول الخليج.
الإمارات
العربية المتحدة
وقالت الصحيفة
إن منظمة ترامب تدير نادي ترامب الدولي للجولف في دبي، الذي افتتح عام 2017 خلال
فترة رئاسته الأولى. ويأتي هذا المشروع ضمن شراكة طويلة الأمد بين ترامب وحسين
سجواني، الملياردير الإماراتي ومؤسس شركة داماك العقارية التي تتخذ من دبي مقرًا
لها. وكان من المقرر أن تبني داماك منتجع جولف آخر يحمل علامة ترامب في دبي، لكن
المشروع تعرّض لتأخيرات.
وأوضحت الصحيفة
أن أعمال عائلة ترامب تواصل التقدم في مشاريع أخرى بالإمارات، منها فندق وبرج
ترامب الدولي الفاخر بارتفاع 80 طابقًا، بقيمة مليار دولار، والذي يُطوّر بواسطة
شركة دار جلوبال السعودية. وتُعرض الشقق في هذا البرج غير المكتمل، الذي سيضم
“أعلى مسبح خارجي في العالم” ويطل على برج خليفة، أطول ناطحة سحاب في العالم،
بأسعار تصل إلى 20 مليون دولار للشقة الواحدة.
وبينت الصحيفة
أنه في الأول من مايو/ أيار 2025، أعلن إريك ترامب، مدير منظمة ترامب، وشريكه زاك
ويتكوف عن صفقة ضخمة في مجال العملات الرقمية مع صندوق استثماري مدعوم من حكومة
أبوظبي بقيمة 2 مليار دولار، عبر شركة "وورلد ليبرتي فاينانشال" التابعة
لعائلة ترامب. قد تُدر هذه الصفقة مئات الملايين من الدولارات على العائلة، مما
يعمّق ارتباط أعمالها بحكومات أجنبية.
وفي الختام،
اعتبرت الصحيفة أن هذا مثال جديد على كيفية استغلال ترامب لولايته الثانية ومهامه
الرسمية لتعزيز علاقاته مع قادة الخليج، الذين تضخ دولهم استثمارات هائلة تصب في
مصلحة أعماله، وسط غياب شبه كامل لأي محاسبة.