صحافة إسرائيلية

حرب غزة تتسبّب بدخول قائد جيش الاحتلال في مواجهات متلاحقة مع حكومة نتنياهو

لا يُخفي زامير رأيه في تجنيد الحريديم في الجيش- الأناضول
منذ عدة أسابيع، يدخل قائد جيش الاحتلال آيال زامير عددا من المواجهات مع القيادة السياسية، سواء عندما أمر بإصدار أوامر تعبئة فورية لجميع الجنود الحريديم، وعندما أوضح أنه لن يقوم الجنود بتوزيع المساعدات على سكان قطاع غزة تحت أي ظرف من الظروف، وعندما وضع إطلاق سراح المختطفين في المقام الأول للحرب على غزة.

أمير بار شالوم، المراسل العسكري لموقع "زمان إسرائيل"، أكد أنه "منذ أسابيع، يُرسي خارطة طريق واضحة للقيادة السياسية، ويفعل ذلك بهدوء نسبي، دون تصريحات إعلامية، لكن من يحتاج للفهم، سيفهم، وجاءت الرسالة الأخيرة أكثر وضوحا قبل أيام، ولم تأت على هيئة إعلان رسمي من المتحدث العسكري، بل وُجّهت للمراسلين العسكريين، ونصّها: "في ضوء الوضع العملياتي وتطورات الحملة، أصدر رئيس الأركان تعليماته للجيش بتقديم خطة فورية لتوسيع وتعظيم إصدار أوامر التجنيد للحريديم، إضافة لتنظيم وزيادة قدرات الجيش على الاستيعاب".


وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أنه "بمعنى آخر، لا ينتظر رئيس الأركان أي تطورات سياسية، بل يتصرف وفقًا للقانون الذي يُلزمه بتجنيد كل خريج يبلغ سن التجنيد، لكن توقيت الإعلان ليس مصادفة، فقد جاء خلال الأسبوع الذي استدعى فيه الجيش 60 ألف جندي احتياطي استعدادًا لتوسيع محتمل للعملية في قطاع غزة، ويتم تنسيق عملية إصدار الأوامر للجيش مسبقًا مع المستشار القانوني للحكومة، غالي بهاراف-ميارا، بحيث لا يُرد على أي التماس يُقدم للمحكمة العليا بشأن هذه المسألة، أو أي محاولة سياسية لإحباط هذه الخطوة من قبل الجيش، بل من قبل السلطات القانونية الرسمية".

وأشار إلى أنه "في هذه الحالة، سيكون من الصعب انتقاد رئيس الأركان، كما حدث في عهد رئيس الأركان هآرتسي هاليفي، ووزير الدفاع يوآف غالانت، بل يُعرّض الوضع القائم لانتقادات قضائية، حيث صرّح زامير مؤخرًا للحاضرين في مناقشات مغلقة أن "مشكلة القوى العاملة في الجيش تُقلقني للغاية"، وإصداره للأوامر محاولة منه لإبعاد المسؤولية السياسية عنه وعن الجيش، ونقل المسؤولية للمستوى السياسي، أي إجبار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على اتخاذ قرار".

وأوضح أنه "بطريقة أو بأخرى، يُطبّق زامير القانون كما هو معتاد في دولة نظامية، ولا يستطيع منتقدوه أن يأتوا إليه بادعاءات، وكما يطالبونه بالخضوع لقرارات القيادة السياسية، يطالبهم هو بالخضوع للقانون، ولا يُخفي زامير رأيه في تجنيد الحريديم، فبجانب مسألة تساوي العبء، التي تُهدد التماسك الداخلي للجيش، يُؤكد زامير أن هذه ضرورة عملياتية، ويُبرر ذلك بأن الخطة متعددة السنوات للجيش، التي وُضعت في عهد هاليفي، غير ذات صلة على الإطلاق، ولا تتطلب تغييرات، بل إعادة تخطيط".

وأكد أن "جزءًا كبيرا من خطة زامير الجديدة تتمثل بزيادة القوى العاملة في الجيش، ومن الواضح للجميع أن القوى العاملة الجديدة لا يمكن أن تأتي إلا من المجتمع الحريدي، وفيما يتعلق بتجنيدهم، فيبدو أن من يؤيد زامير هو رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن، عضو الكنيست يولي إدلشتاين، الذي يرفض الموافقة على صياغة قانون التجنيد الجديد الذي يسعى نتنياهو لإقراره، رغم تهديداته بإقالته من رئاسة اللجنة، حيث أعلن عن بدء صياغة القانون، الذي سيتضمّن عقوبات شخصية".

وأشار إلى أنه "من غير الواضح كيف سيتجاوز هذا القانون عقبة الحريديم، يبدو أن إدلشتاين يخوض معركة برؤية بعيدة المدى هنا، تمامًا كما يُقاتل زامير من أجل صورة الجيش، وإدلشتاين من أجل مسيرته السياسية، وفي غضون ذلك، هناك تقارب في المصالح بينهما".

وأوضح أن "انتصارا آخر لرئيس الأركان على المستوى السياسي تمثل بتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، فقد انتقد وزير الدفاع يسرائيل كاتس إصرار زامير الراسخ على أن الجنود لن يوزعوا الطعام على الفلسطينيين، وهو لم تعجبه "المسامير" التي وضعها زامير ضد مستوى صنع القرار، لكن في هذه المسألة، كان زامير مستعدًا للذهاب حتى النهاية، حتى بعد تهديد الوزير بتسلئيل سموتريتش بإقالته، حيث يُرسل زامير رسالةً للقيادة السياسية مفادها أنه جاء للعمل، والإصلاح، واتخاذ القرار".

وأضاف أنه "من وجهة نظره، استُدعي للخدمة لإعادة بناء الجيش بعد أزمته الكبرى، ولذلك لا يُثيره الضجيج السياسي، فالسياسيون هم من استدعوه، وليس العكس، ويُمثل الاختلاف المتزايد بينه وبين رئيس الوزراء بشأن أهداف الحرب المُتجددة استمرارًا مباشرًا لاستقلالية رئيس الأركان، بل وسلطته أيضًا، وبعد موافقة الحكومة على خطة "عربات غدعون"، أصدر "شخصية سياسية" بيانًا يُفترض أنه اقتبس من رئيس الأركان خلال النقاش "نحن في طريقنا لهزيمة حماس، مما سيساعد في إعادة الرهائن".

وختم بالقول إنه "وفقًا لترتيب الأمور في رواية مكتب رئيس الوزراء، يُفهم ضمنًا أن زامير "يتوافق" مع أهداف نتنياهو الحربية: هزيمة حماس أولًا، ثم تحرير الرهائن لاحقًا، مما دفع زامير لإصدار ردّ فوري وهادئ، حيث أعلن المتحدث باسم الجيش أن "هدف العملية هو إعادة الرهائن، وانهيار نظام حماس، وإخضاعه، هذان هدفان مترابطان"، وقد كرر المتحدث هذه الرسالة، وبهذا الترتيب، مرتين، في حال لم يفهمها أحد".