في أجواء مشحونة بالتوتر والعنصرية، شارك عشرات الآلاف من المستوطنين المتطرفين الإسرائيليين، الإثنين، في مسيرة "الأعلام" الاستيطانية التي نُظّمت في مدينة
القدس المحتلة بمناسبة الذكرى السنوية لاحتلال الشطر الشرقي من المدينة عام 1967، وسط حماية أمنية مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وشهدت المسيرة، التي انطلقت من مركز المدينة باتجاه حائط البراق مرورًا بأزقة البلدة القديمة وباب العامود، اعتداءات لفظية وجسدية ضد
الفلسطينيين، تخللتها شعارات عنصرية منها: "الموت للعرب"، و"لنُحرق قريتكم"، و"لنُدمّر غزة"، وسط تجاهل تام من قبل شرطة الاحتلال الإسرائيلي التي لم تتدخل لوقف تلك الانتهاكات.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، تم تعليق لافتات على بعض أجهزة الصراف الآلي والمحال التجارية في البلدة القديمة كُتب عليها "ملك لليهود" و"ممتلكات يهودية"، في محاولة لفرض سيادة رمزية على الفضاء العام.
كما رفعت منظمة "إم ترتسو" اليمينية المتطرفة لافتة كبيرة حملت عبارة: "لا نصر بدون نكبة".
وعلى الرغم من توثيق هذه المظاهر العنصرية، قال المفتش العام لشرطة الاحتلال الإسرائيلي، داني ليفي، خلال زيارته لباب العامود، إنه لم يسمع "أناشيد عنصرية"، واصفًا المسيرة بأنها "عيد يسير كما خُطط له"، في محاولة لتبرير الاعتداءات تحت غطاء أمني.
من جانبه، شارك وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير في المسيرة إلى جانب عدد من أعضاء الكنيست من اليمين المتشدد، وصرّح قائلًا: "إسرائيل تحتفل بسيادتها على القدس"، في حين اقتحم مشاركون في المسيرة المسجد
الأقصى صباح اليوم، ورفع بعضهم العلم الإسرائيلي داخله.
وبحسب دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، فقد اقتحم المسجد الأقصى 2092 مستوطنًا، بينهم وزراء وأعضاء كنيست، أبرزهم إيتمار بن غفير ووزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاوف، وعدد من أعضاء الكنيست من حزبي "الليكود" و"الصهيونية الدينية"، حيث عمد بعضهم إلى رفع الأعلام الإسرائيلية في باحات الحرم الشريف.
وفي السياق ذاته، شهدت البلدة القديمة مواجهات واعتقالات طالت فلسطينيين ومتضامنين، حيث أعلنت شرطة الاحتلال اعتقال عدد من الأشخاص بشبهة "التحريض" أو "حيازة غاز الفلفل"، بينما أشارت تقارير إعلامية إلى أن متطرفين يهود استخدموا غاز الفلفل ضد فلسطينيين.
وتأتي هذه الأحداث في ظل استمرار الإجراءات القمعية التي تفرضها سلطات الاحتلال منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ٬ عبر تقييد دخول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى القدس، في إطار سياسة تهويد ممنهجة تهدف إلى طمس الهوية العربية والإسلامية للمدينة.
وتُثير مسيرة "الأعلام" السنوية، التي يدّعي منظموها الاحتفال بما يسمونه "توحيد القدس"، موجات توتر متكررة، إذ يُنظر إليها من قبل الفلسطينيين كمظهر صارخ للهيمنة الإسرائيلية على المدينة، ومنصة للمتطرفين اليهود لإطلاق شعارات عنصرية وتنفيذ اعتداءات بحق السكان الفلسطينيين، وسط صمت رسمي وتشجيع ضمني من أركان حكومة الاحتلال الإسرائيلي.