طب وصحة

دواء الحساسية "بينادريل" بين المنفعة والضرر.. هذا ما تحتاج معرفته قبل تناوله

يوصي بستاني المرضى بقراءة ملصقات أدويتهم المفضلة للحساسية- جيتي
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، للصحفي سيمار باجاج، قال فيه إنّ: "لكل دواء للحساسية إيجابياته وسلبياته، وهذا ما يتوجّب عليك معرفته"، موردا بذلك هذه التوجيهات التي ترجمتها "عربي21":

عندما يسيل الأنف ولا يتوقف فقد يلجأ الشخص إلى تناول حبوب بينادريل.. يوفر هذا الدواء -اسمه العلمي ديفينهيدرامين- راحة شبه فورية من الحساسية. ومع وجود بينادريل منذ أربعينيات القرن الماضي، أصبح اسمه مرادفا لمضادات الهيستامين، كما تقول أخصائية الحساسية في مستشفى ماساتشوستس العام، آنا وولفسون.

لكن يعتقد الخبراء أن الوقت قد حان للتوقف عن استخدامه نظرا لكيفية عبور مضادات الهيستامين القديمة مثل بينادريل للحاجز الدموي الدماغي، ما يسبب الخمول ويزيد من خطر السقوط وحوادث السيارات، وربما حتى الخرف.

إذا كنت في جزيرة مهجورة وكان بينادريل هو دواء الحساسية الوحيد المتاح، فعليك تناوله، كما تقول وولفسون. ولكن في معظم الحالات الأخرى، توجد خيارات أكثر أمانا وأفضل.

كيف يعمل بينادريل؟
تُنتج أجسامنا مادة الهيستامين الكيميائية لتحفيز جهاز المناعة ضد الجراثيم. ولكن يمكن أن تُثير زهور الربيع والفول السوداني وغيرها من المؤثرات الخارجية نفس الإنذار. تُعيق مضادات الهيستامين هذا الإنذار الكاذب، مما يُساعد على منع أعراض الحساسية أو تخفيفها.

يقول أخصائي الحساسية في إلينوي ومؤلف كتاب "كل شيء عن الحساسية" الذي هو بصدد نشره، زاكاري روبين، إنّ: "بينادريل وزيزكويل والأدوية الأخرى التي تحتوي على ديفينهيدرامين قد تُسبب النعاس أيضا، لأن الهيستامين يُساعد الدماغ على البقاء مُتيقظا".

ولكن هذا يأتي على حساب نوم حركة العين السريعة (REM)، وهو أمر مهم لتقوية الذاكرة ووظائف الدماغ بشكل عام. ويضيف روبين أنّ: "هذا الشعور أشبه بالشعور بالإرهاق بعد شرب الكثير من الكحول، منه بنوم عميق مُنعش، بحسب الدكتور روبين".

من جهته، قال مدير مركز علاج حساسية الطعام في مستشفى نيشن وايد للأطفال، ديفيد ستوكوس: "يستمر تأثير صداع الكحول لفترة طويلة، حيث يعاني الأشخاص من صعوبات في التركيز والتذكر بوضوح أو حتى البقاء مستيقظين".

ارتبط بينادريل بتراجع الأداء المدرسي، وفي دراسة صغيرة، تبين أنه يُضعف قدرة الأشخاص على القيادة أكثر من الكحول. وقد أدرج الاتحاد الأوروبي هذا الدواء على قائمة "الممنوعات من القيادة"، ولا يُسمح للطيارين بالطيران إذا تناولوا بينادريل خلال اليومين أو الثلاثة أيام الماضية.

هل يرتبط بينادريل بالخرف؟
بالإضافة إلى حجبه لإشارة الهيستامين، يتداخل بينادريل ومادة الأستيل كولين الكيميائية في الدماغ، وهي المسؤولة عن الانتباه والتركيز والذاكرة، وفقا لأخصائي طب الشيخوخة وعلوم الأعصاب في جامعة إنديانا، ملاذ بستاني. وتربط مجموعة متزايدة من الأبحاث الاستخدام المنتظم لهذه الأدوية بارتفاع خطر الإصابة بالخرف.

في دراسة نُشرت عام 2015 في مجلة JAMA Internal Medicine، تابع الباحثون أكثر من 3000 من كبار السن غير المصابين بالخرف لمدة سبع سنوات، ووجدوا أن الاستخدام المتكرر طويل الأمد لأدوية حاصرات الأستيل كولين ارتبط بارتفاع خطر الإصابة بالخرف بنسبة 54% وخطر الإصابة بمرض الزهايمر بنسبة 63%.
 
يقول الخبراء إنّ: "هذه النتائج لا تثبت أن بينادريل يسبب الخرف تحديدا، وليس من الواضح ما إذا كان الخطر يمتد إلى الشباب أو حتى الاستخدام قصير الأمد". ولكن نظرا للأدلة المتزايدة التي تربط مضادات الهيستامين القديمة بالتدهور الإدراكي، قال بستاني إنه: "لا يصف بينادريل".

يوجد ديفينهيدرامين أيضا في أكثر من 300 منتج مختلف، بما في ذلك بعض منتجات نايكويل وتايلينول، لذا يوصي بستاني المرضى بقراءة ملصقات أدويتهم المفضلة للحساسية أو النوم أو البرد، واستشارة الصيدلي إذا لم يكونوا متأكدين.

هل هناك خيارات أفضل وأكثر أمانا؟
قالت وولفسون إنّ: "الاستخدام العرضي جيد، ولا يحتاج أحد إلى الركض إلى المنزل والتخلص من مخزونه من الأدوية". ولكن في المرة القادمة التي تذهب فيها إلى الصيدلية، توصي بشراء مضادات الهيستامين الأحدث، مثل السيتريزين والفيكسوفينادين، المعروفين باسم زيرتيك وأليغرا.

ونظرا لأن هذه الأدوية أقل قدرة على العبور إلى الدماغ، فإنها مرتبطة بمشاكل أقل من بينادريل، كما قالت أخصائية الحساسية في دارتموث هيلث، سارة تايلور بلاك،. في حين أن زيرتك يوفر راحة سريعة المفعول وآليغرا له آثار جانبية أقل، فإن كلاهما يدوم لفترة أطول من بينادريل.

للنوم، يوصي الأطباء بالبدء بطقوس صحية قبل النوم، مثل تجنب هاتفك قبل النوم والالتزام بِروتين ليلي ثابت. يمكنك أيضا التفكير في تناول مكملات الميلاتونين والمغنيسيوم. على الرغم من أنها لن تجعلك تنام بسرعة، إلا أن الخبراء يقولون إنها أكثر أمانا من بينادريل.

ولكن إذا وجدت أنك تستخدم أي مضادات الهيستامين أكثر من مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع، فمن المفيد التحدث إلى طبيبك، كما قالت رئيسة قسم الحساسية والمناعة السريرية في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس هيلث، ريتا كاشرو. قد يكون ذلك يخفي اضطرابا كامنا في النوم، والذي يُفضل علاجه بأدوية الأرق أو العلاج السلوكي المعرفي. 

وقالت إنه بالنسبة للحساسية، قد تتمكن من تقليل مضادات الهيستامين عن طريق تجنب المحفزات واستخدام محلول ملحي لتنظيف الجيوب الأنفية. إذا لم يُجدِ ذلك نفعا، فقد يصف لك طبيبك بخاخا أنفيا ستيرويديا، وهو أكثر فعالية من مضادات الهيستامين، أو قد يُعطيك حقنا للحساسية لتخفيف حدة رد الفعل.

في ختام التقرير الذي ترجمته "عربي21"، يقول الخبراء إنه: "لا يوجد سبب وجيه لتناول بينادريل لأكثر من يومين". يقول ستوكوس: "يمكنك اختيار قيادة سيارة إمبالا موديل 1976، أو قيادة سيارة أحدث. مجرد أنك دأبت على فعل شيء ما بطريقة معينة، لا يعني أنه الخيار الأفضل المتاح".