لم تقتصر
الإبادة الجماعية
في قطاع
غزة، على مشاهد القتل والمجازر ومسح المناطق السكانية بصورة شاملة، لكن في
ظل هذا المشهد الدموي، خرجت نماذج حاولت كسرة حدة هذا التوحش، وتحدت
الاحتلال الذي
حاول إسكاتها.
ومن بين آلام
الفلسطينيين، ظهرت نماذج حاولت عبر الكوميديا السوداء تارة، وعبر تلمس هموم الناس
بطرق مبتكرة تارة أخرى التخفيف بالكلمة والمسابقة أحيانا من ثقل ما مر بسكان
القطاع.
لكن من أبرز النماذج الأيقونية التي لمعت في
غزة، الكوادر الطبية والدفاع المدني، التي لم تعرف طعما للراحة، وكانت شاهدا حيا
على كل عذابات الفلسطينيين من جرحى وشهداء وهدم للبيوت ومحاولة انتشال الحياة من
بين الركام.
يضاف إلى ذلك، لقطات لا تنسى للمقاومين الذين
قدموا أرواحهم دفاعا عن أرضهم، كما يكفل لهم ذلك كل الشرائع والقانون الدولي.
ونستعرض في التقرير التالي عددا من النماذج
البطولية والأيقونية على مدى عامي الإبادة في غزة:
تحدي الموت
تعتبر صورة مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو
صفية، وهو يسير نحو دبابات الاحتلال، بعد حصار المستشفى وصموده حتى اللحظة الأخيرة
فيه ورفضه ترك المرضى لمصيرهم، من الصور الأيقونية التي خلدتها الإبادة في القطاع.
وظهر أبو صفية يسير في طريق مدمر، ودبابات
الاحتلال تصوب مدافعها نحوه، بعد المناداة عليه لاعتقاله، وكشفت شهادات أن
الاحتلال أقدم على تعذيبه بصورة وحشية، بعد تلك الصورة، ونقل إلى أحد سجون الاحتلال
ليعاني من التعذيب الشديد ونقصان الوزن ورفض الاحتلال الإفراج عنه رغم أنه طبيب
يؤدي دورا إنسانيا.
التمسك بالمرضى
ومن أبرز أيقونات غزة الراحلة، الطبيب عدنان
البرش، وهو من أشهر اختصاصيي جراحة العظام في القطاع، والذي اعتقله الاحتلال خلال
الموجة الأولى للعدوان على القطاع.
ووثقت لقطات
صمود الطبيب البرش، في المستشفى
الأندونيسي شمال قطاع غزة، والذي تعرض المرضى فيه لقتل جماعي، فضلا عن تجريف
جثامين عشرات الشهداء، واضطراره لمغادرة المنطقة والانتقال إلى مستشفى آخر بسبب
خطورة الوضع، قبل أن يتمكن الاحتلال من اعتقاله.
واستشهد الطبيب البرش في سجون الاحتلال، جراء
التعذيب الوحشي الذي تعرض له، واحتجز جثمانه ورفض الاحتلال تسليمه حتى يومنا هذا.
شهود الإبادة
ومن الشخصيات التي برزت خلال الإبادة،
وواكبتها منذ البداية الناطق باسم الدفاع المدني الرائد محمود بصل، في مدينة غزة، والذي
شهد أغلب المجازر التي ارتكبها الاحتلال من خلال تواجده في مستشفيات المدنية
وخروجه في تغطيات وإحاطات.
ومع وصول المجاعة حدها الأقصى قبل أشهر في
القطاع، أعلن بصل عن خوضه إضرابا عن الطعام لحين إدخال الطعام والمساعدات للمجوعين
في القطاع، وكان يخرج في تغطيات إعلامية وذراعه موصولة بالمحلول الطبي بعد إعلان
الإضراب.
الكوميديا السوداء
لكن في المقابل، برز الناشط الفلسطيني أبو
سمير، وجها لنقل صورة الإبادة وأحداثها عبر الكوميديا السوداء، والسخرية من الحال
الصعب الذي يعيشه سكان غزة.
وكان أبو سمير يستخدم لغة المواطن البسيط في
سرد الأحداث والتعليق على ما يجري خلال الإبادة، والسخرية من الاحتلال وقرارته،
رغم ما فيها من قتل وتشريد للسكان.
صاحب الظل الطويل
ومن الصور التي لا تنسى خلال الإبادة،
المقاوم الذي سبقه ظله وهو يحمل عبوة ناسفة، خلال هجوم على دبابات الاحتلال في
خانيونس.
وكان أحد المقاومين نفذ غارة على تجمع لدبابات
الاحتلال، في خانيونس، وأثناء ركضه ظهر ظله بالكاميرا التي يرتديها على رأسه، وهو
يحمل عبوة ناسفة، فيما أطلق عليه نشطاء لقب صاحب الظل الطويل، تذكيرا بمسلسل
كرتوني قديم تحدث عن رجل له ظل طويل ساعد فتاة يتيمة في تعليمها.
مسابقات رغم الدمار
وفي ظل صعوبة الظروف المعيشية، لجأ أحد الصحفيين
الفلسطينيين، إلى إجراء مسابقات بين النازحين، مقابل جوائز مالية رمزية، للتخفيف
عن المأساة التي يعيشونها، بعيدا عن تقديم الأموال كمساعدات.
اللقطة الأخيرة
ولم تغب لقطة الصحفي الشهيد أنس الشريف، وهو
يخلع خوذته ودرعه الصحفي، لدى الإعلان عن وقف إطلاق النار الأول، قبل أشهر، والذي
انقلب الاحتلال عليه، فيما استذكره كثير من النشطاء وغيابه عن وقف الحرب الذي أعلن
عنه اليوم.