ناشط اشتراكي وسياسي أمريكي، يشغل عضوية الحزب الديمقراطي، والديمقراطيين الاشتراكيين في أمريكا، خاض معركة انتخابية وقفت فيها ضده قوى سياسية ومليارديرات ونخب ومشرعين أمريكيين حتى من داخل حزبه "الديموقراطي"، بما في ذلك إدارة الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب.
انتصاره كان هزيمة نكراء لمراكز النفوذ السياسي والمالي و"اللوبيات" وللقوى التقليدية، كما كان انتصارا مدويا للفقراء والطبقة العاملة والمهمشين ومواطني
نيويورك العاديين الذين يكدون من أجل البقاء على قيد الحياة.
سحق منافسه كومو الذي قال عنه على منصة أكس: "لم أتوقع..أن يتحول أندرو كومو من دمية في يد دونالد ترامب إلى ببغاء مكشوف."
عائلة من أصول هندية
زُهران كوامي
ممداني المولود في عام 1991 في كمبالا، بأوغندا، كان والده، محمود ممداني، أستاذا جامعيا من أصل هندي وبروفيسورا للدراسات الأفريقية والاستعمار والعلوم السياسية في جامعة "كولومبيا"، ووالدته، ميرا ناير، مخرجة أفلام أمريكية من أصول هندية، وكلا والديه من خريجي جامعة "هارفارد".
أطلق عليه الاسم الأوسط كوامي نسبة إلى كوامي نكروما، من المناضلين الأفارقة الأوائل ضد الاستعمار، وأول رئيس وزراء في غانا.
انتقل ممداني مع عائلته إلى مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا عندما كان في الخامسة من عمره، بينما كان والده يعمل أستاذا في جامعة "كيب تاون". لاحقا انتقلت العائلة إلى مدينة نيويورك، وهناك تلقى تعليمه في كلية "بودوين"، وأصبح عضوا مؤسسا لفرع مدرسته في منظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين". وتخرج في عام 2014 بدرجة البكالوريوس في الدراسات الأفريقية.
جنسية أمريكية أوغندية مزدوجة
أصبح مواطنا أمريكيا في عام 2018 محتفظا بجنسيته الأوغندية، وهو مسلم شيعي، تزوج من رسامة الأنيميشن السورية الأمريكية رما دواجي، وكانا قد تعارفا على بعضهما البعض قبل سنوات عبر تطبيق "هينجHinge-"، وتزوجا وفق الأحكام الشرعية الإسلامية في عام 2024.
وخلال حملته الانتخابية لرئاسة البلدية، تحدث ممداني بلغات متعددة إلى جانب الإنجليزية، مظهرا درجات متفاوتة من الإتقان في الهندية الأردية، والبنغالية، والعربية (الشامية)، والإسبانية.
وقبل دخوله معترك السياسة، عمل مستشارا في قطاع الإسكان، إذ ساعد مالكي المنازل من ذوي الدخل المحدود في منطقة كوينز على مواجهة خطر الإخلاء.
متطوع في الحملات الانتخابية
دخوله الأول لعالم السياسية كان حين تطوع في عام 2015، في حملة علي نجمي الانتخابية في مدينة نيويورك. وفي عام 2017، انضم إلى الاشتراكيين الديمقراطيين في أمريكا وعمل في الحملة غير الناجحة للمرشح لمجلس مدينة نيويورك خضر اليتيم، القس اللوثري من أصل فلسطيني والاشتراكي الديمقراطي الذي ترشح عن بروكلين.
وكان ممداني مدير الحملة الانتخابية لروس باركان في محاولته غير الناجحة للحصول على مقعد في مجلس الشيوخ بولاية نيويورك في عام 2018. عمل أيضا كمنظم ميداني لحملة الاشتراكية الديمقراطية تيفاني كابان في عام 2019 لمنصب المدعي العام لمنطقة كوينز.
في عام 2019، أعلن ممداني ترشحه لعضوية جمعية ولاية نيويورك عن الدائرة 36، عن منطقة كوينز، وترشح على أساس إصلاح الإسكان وإصلاح الشرطة والسجون والملكية العامة للمرافق.
وتمكن من هزيمة الديمقراطية المخضرمة أرافيلا سيموتاس، وأعيد انتخابه في عامي 2022 و2024.
برنامج انتخابي تقدمي
أعلن ممداني في عام 2025، ترشحه لمنصب عمدة مدينة نيويورك، وحظي بدعم الحزب الديمقراطي لانتخابات نيويورك، وشغل كومو منصب الحاكم 56 لولاية نيويورك ما بين عامي 2011 و2021 حيث استقال من منصبه بعد اتهامات له بالتحرش الجنسي بمساعدته السابقة، وحلت محله نائبة الحاكم كاثي هوكول.
يستند برنامج ممداني الانتخابي إلى رؤية تقدمية تركز على توسيع الخدمات العامة وتعزيز العدالة الاقتصادية في المدينة. ودعم توفير الحافلات مجانا لسكان نيويورك، وتجميد الإيجارات في المساكن الخاضعة لقوانين الاستقرار الإيجار، وإنشاء متاجر بقالة مملوكة من قبل البلدية بهدف مكافحة ارتفاع الأسعار وضمان الأمن الغذائي في المناطق ذات الدخل المحدود.
وتضمن برنامجه دعم رعاية الأطفال الشاملة، وبناء 200 ألف وحدة سكنية جديدة بأسعار ميسرة. كما أيد إصلاح نظام السلامة، وإلى زيادة الضرائب على الشركات وعلى من يتجاوز دخلهم مليون دولار سنويا.
وقدم مشروع قانون لإلغاء إعفاء جامعة نيويورك وجامعة كولومبيا من ضريبة الأملاك الحكومية وتوجيه تلك الأموال نحو الجامعات العامة التي تعاني من نقص التمويل، ومن أجل تمويل التعليم المجاني في جامعات نيويورك الحكومية.
حملات تشويه واسعة النطاق
شن عدد من الجمهوريين هجمات شرسة ضد ممدني مستخدمين محتوى معاديا للإسلام وعنصريا ويتسم بكراهية الأجانب. وكتبت النائبة الأمريكية نانسي ميس على أكس: "بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، قلنا: لن ننسى أبدا. أعتقد أننا نسينا للأسف".
ونشرت النائبة مارجوري تايلور غرين صورة لتمثال الحرية مرتديا البرقع. وتحدث آخرون مرتبطون بحركة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا"، منهم لورا لومر، وتشارلي كيرك، ودونالد ترمب الابن، عن ممداني في سياق أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، وذلك على موقع "ذا برايان".
وفي تغريدة، دعا النائب الجمهوري الأمريكي آندي أوغلز المدعية العامة بام بوندي إلى سحب جنسية ممداني وترحيله، ونعته بـ"محمد الصغير" و"معادٍ للسامية، واشتراكي، وشيوعي". أدانت منظمة كير استخدام أوغلز لعبارة "محمد الصغير"، واعتبرتها معادية للإسلام وعنصرية.
كما ألمح الرئيس ترامب، من دون تقديم دليل، إلى احتمال وجود ممداني في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني، مؤكدا أن إدارته ستنظر في هذه المسألة. وهدد ترامب باعتقال ممداني وحجب التمويل عن مدينة نيويورك إذا رفض الامتثال لعمليات الترحيل الجماعي التي ينفذها، واقترح أيضا فرض سيطرة الحكومة الفيدرالية على مدينة نيويورك حال انتخاب ممداني.
ولم تعلن صحيفة نيويورك تايمز دعمها لأي مرشح في الانتخابات التمهيدية لمنصب عمدة المدينة، ووجهت انتقادات عامة لجميع المرشحين. وقالت هيئة تحرير الصحيفة إن أجندة ممداني "لا تتماشى بالشكل الملائم مع تحديات المدينة" و"تتجاهل في كثير من الأحيان التنازلات الحتمية التي تفرضها مسؤوليات الحكم".
داعم لفلسطين ومستعد لاعتقال نتنياهو
أثارت مواقفه المتعلقة بالقضية الفلسطينية جدلا في وسائل الإعلام وعلى المنصات، وبشكل خاص دعمه لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات المعروفة بـ"BDS"، إضافة إلى تأكيده أن معاداة الصهيونية لا تُعد شكلا من أشكال "معاداة السامية". وتعهد بالامتثال لمذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية باعتقال بنيامين نتنياهو إذا زار مدينة نيويورك.
وسبق له أن قدم في عام 2023، مشروع قانون "ليس بأموالنا: قانون إنهاء تمويل نيويورك لعنف المستوطنين الإسرائيليين"، والذي ينص على حظر المنظمات الخيرية المسجلة في الولاية من تقديم التبرعات للجهات التي تدعم المستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وانضم في عام 2023، إلى إضراب عن الطعام لمدة 5 أيام خارج واشنطن العاصمة دعما لوقف إطلاق النار الفوري ومعارضة دعم الرئيس بايدن للحرب على
غزة.
في عام 2025، امتنع زهران ممداني عن التوقيع على القرار السنوي الصادر عن جمعية ولاية نيويورك الذي يحتفي بذكرى "تأسيس إسرائيل". لكنه صوت لصالح قرار إحياء ذكرى "الهولوكوست" في عام 2025.
كما دافع عن اعتقاده بأن دولة الاحتلال ترتكب إبادة جماعية في غزة، وأنها دولة فصل عنصري، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجب أن يُعتقل.
وقد قوبلت هذه المواقف بانتقادات من بعض الجهات المؤيدة لدولة الاحتلال، بينما حظيت بتأييد من أطراف متعددة داخل التيار التقدمي في الولايات المتحدة.
السياسي التقدمي، الذي ينتمي إلى جيل الألفية، أول عمدة مسلم ومن أصول جنوب آسيوية في المدينة، لم يتردد في إعلان جذوره وسط هذا التنوع السكاني، فقد جعل من عقيدته كمسلم جزءا واضحا من حملته الانتخابية، إذ اعتاد زيارة المساجد بانتظام، كما نشر مقطعا دعائيا باللغة الأردية يتناول أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة في المدينة.
ومن فوق جسر بروكلين حمل زهران ممداني مع مؤيديه يافطة كبيرة كتب عليها "وقتنا هو الآن". نعم أنه وقت ممداني.