يواصل الاحتلال
الإسرائيلي استهداف فلسطينيي (48)، أصحاب الأرض الأصليين، من خلال خطوات جديدة تسعى إلى تعريفهم كـ"إرهابيين" أو "تهديدات أمنية"، في إطار النهج المتطرف الذي تتبناه الحكومة الحالية برئاسة اليمين الفاشي ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وقال أمنون باري-سوليشيانو، الخبير في مكافحة الجريمة والعلاقات بين مكونات الدولة، إن "التوجه الحالي للحكومة نحو تصنيف المنظمات الإجرامية داخل المجتمع العربي كتنظيمات إرهابية، يصب مزيدا من الزيت على نار العنف المتصاعد الذي يعانيه هذا المجتمع"، مشيرا إلى أن ذلك "يشكل محاولة جديدة لتصوير العرب داخل الخط الأخضر كأعداء للدولة أو كتهديد أمني".
وأوضح في مقال نشره
موقع "زمان إسرائيل"، وترجمته "عربي21"، أن "الجريمة المنتشرة بين فلسطينيي الداخل حقيقية ومؤلمة ومميتة، لكنها لا تُعد إرهاباً، لأن ضحاياها من أبناء هذا المجتمع أنفسهم، والمنظمات الإجرامية تمارس العنف والابتزاز والقتل بدوافع اقتصادية بحتة، وليست أيديولوجية أو دينية أو قومية".
وأشار إلى أن "قانون مكافحة الإرهاب" الذي صُمم أساسا لملاحقة من يتصرفون بدوافع سياسية أو وطنية ضد دولة الاحتلال، تحاول الحكومة اليوم توسيعه ليشمل الجرائم الجنائية، مما يخلق حالة هجينة خطيرة تتيح استخدام أدوات التحقيق والمراقبة الخاصة بجهاز الشاباك ضد المواطنين، وهو ما يشكل انتهاكاً لحقوقهم الأساسية ويقوّض ثقة الجمهور في منظومة إنفاذ القانون".
ولفت إلى أن "تصنيف أي منظمة على أنها إرهابية، حتى لو كانت إجرامية، سيترتب عليه آثار قانونية بالغة الخطورة، لأنه يسمح بحرمان الأفراد من حقوقهم الأساسية، وفرض عقوبات مشددة حتى على المشتبه بهم الهامشيين، والالتفاف على قواعد الأدلة والإجراءات القانونية الواجبة، وهي صلاحيات مخصصة للطوارئ الأمنية لا لتطبيق القانون الجنائي، واستخدامها ضد مواطنين، حتى إن تورطوا في جرائم خطيرة، يمثل انحدارا يهدد أسس النظام السياسي، ويضعف تطبيق القانون بدلاً من تعزيزه".
وأضاف أن "هذا التوجه سيؤدي إلى وصم المجتمع العربي كله بالاشتباه الجماعي، ويقوّض إمكانية تعاونه مع الشرطة، وهو عنصر أساسي في أي جهد فعال لإنفاذ القانون، لأن جهاز شرطة لا يحظى بثقة الجمهور الذي يخدمه لن يكون قادراً على مواجهة الجريمة. والأسوأ من ذلك، أنه عندما يُصنف المجرمون بأنهم مدفوعون بدوافع قومية، فإن استعداد المواطنين العرب للإدلاء بشهاداتهم أو تقديم شكاوى سيتراجع بشكل كبير، ومعه سيُتهم كل من لا يتعاون مع الشرطة بدعم الإرهاب".
وبيّن أن "فكرة التعاون مع المجتمع العربي والاستثمار فيه وبناء الثقة معه ترسخت تدريجياً خلال العقد الأخير حتى داخل جهاز الشرطة، لكن مشروع القانون الجديد ينسف هذا التقدم بالكامل ويعيد الخطاب إلى مرحلة قديمة وخطيرة لا يُنظر فيها إلى فلسطينيي الداخل كشركاء في مكافحة الجريمة بل كجزء منها، في حين أن الحل الحقيقي يتطلب شرطة مهنية وتطبيقاً سليماً للقوانين القائمة، لا اللجوء إلى تشريعات الإرهاب العنصرية أو الخطاب التحريضي ضدهم".
وأشار إلى أن دولة الاحتلال تتجاهل الأسباب الحقيقية وراء تفشي الجريمة في صفوف فلسطينيي الداخل، مثل الفقر والبطالة والفجوات التعليمية والتمييز المالي المزمن بين السلطات المحلية العربية واليهودية، وتستغل هذه الأوضاع لتبرير إعلان الحرب عليهم تحت ذريعة مكافحة الجريمة، وهي بحسبه "كلمة حق يراد بها باطل"، لأن هذه الظاهرة ليست منعزلة عن واقع اجتماعي واقتصادي أوسع، بل نتيجة سنوات من الإهمال الحكومي المتواصل.