سياسة عربية

توثيق 32 حالة اغتصاب في الفاشر وتسارع وتيرة المعارك في كردفان

ارتفعت حدة الاشتباكات بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع"- الأناضول
قالت شبكة أطباء السودان، الأحد، إنها وثقت 32 حالة اغتصاب لفتيات بمدينة الفاشر ومحيطها غربي البلاد، منذ اجتياح "قوات الدعم السريع" للمنطقة في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما تسارع وتيرة المعارك بين الدعم السريع والجيش في كردفان.

وأضافت الشبكة المستقلة في بيان: "وثق فريق شبكة أطباء السودان، استنادا إلى معلومات طبية وميدانية موثوقة، 32 حالة اغتصاب لفتيات من مدينة الفاشر وصلن إلى منطقة طويلة (غرب)"، مشيرة إلى أن بعض حالات الاغتصاب جرت داخل الفاشر عقب اجتياح "قوات الدعم السريع" للمدينة، فيما حصلت الحالات الأخرى أثناء الفرار إلى طويلة.

وأدانت الشبكة عمليات الاغتصاب بالفاشر، واعتبرتها "انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، وترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتكشف مستوى الانفلات والانتهاكات الممنهجة التي تتعرض لها النساء والفتيات في مناطق سيطرة الدعم السريع، في ظل غياب أي حماية وانعدام تام للمحاسبة".

"أطباء السودان" حملت "الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، وطالبت بفتح تحقيق دولي عاجل ومستقل، وتأمين حماية فورية للناجيات والشهود".

كما دعت إلى "السماح للمنظمات الطبية والإنسانية بالوصول للمنطقة، لتقديم الرعاية والعلاج والدعم النفسي والقانوني لهن دون قيود أو تهديد".



والجمعة، أدان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشدة تصاعد أعمال العنف في مدينة الفاشر ومحيطها، بعد سيطرة "قوات الدعم السريع"، مطالبا بفتح تحقيق عاجل في الانتهاكات المرتكبة فيها.

كما نددت هيئة الأمم المتحدة للمرأة، الثلاثاء، بـ"جرائم قوات الدعم السريع" في السودان، مؤكدة أن الاغتصاب "يستخدم عمدا وبشكل منهجي".

وفي 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، استولت "الدعم السريع" على الفاشر، وارتكبت مجازر بحق مدنيين بحسب منظمات محلية ودولية، وسط تحذيرات من تكريس تقسيم جغرافي للبلاد، فيما أقر قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في 29 من ذات الشهر، بحدوث "تجاوزات" من قواته في الفاشر، مدعيا تشكيل لجان تحقيق.

وتيرة المعارك العسكرية
في غضون ذلك، تسارعت في الأيام الأخيرة وتيرة المعارك العسكرية في الولايات الثلاث بإقليم كردفان جنوبي السودان، في محاولة من طرفي الصراع، الجيش و"قوات الدعم السريع"، لرسم ملامح السيطرة الميدانية بالمنطقة، وسط سعي الجيش لتعزيز سيطرته على الخرطوم وتمهيد الطريق نحو توسعه غربا باتجاه إقليم دارفور.

وارتفعت حدة الاشتباكات بين الجيش السوداني و"قوات الدعم السريع"، في ظل محاولات من الطرفين للسيطرة على مناطق استراتيجية بهدف تعزيز إمدادات قواتها في مراكز مدن ولايات كردفان الثلاث، شمالا وجنوبا وغربا.

وتصاعدت وتيرة المواجهات في غرب ولاية شمال كردفان، حيث تسعى قوات الجيش إلى توسيع مناطق سيطرتها وتقليص تحركات "الدعم السريع".

ونجح الجيش في الحفاظ على سيطرته بمدينة الأُبيض عاصمة الولاية، وتوسع في مناطق جديدة بعد فترة سكون مؤقتة، بينما اكتفت "الدعم السريع" بمهاجمة المدينة بالطائرات المسيرة.



كما حافظ الجيش على سيطرته بمدن مهمة بالولاية شملت "أم روابة" و"الرهد"، وعزّز وجوده على الطرق الحيوية بين الأُبيض و"بارا" لمنع محاولات تسلل "الدعم السريع".

استمرار سيطرة الجيش على تلك المدن في وسط وشرق الولاية، يجعله يضمن خط إمداد متواصل مع ولاية النيل الأبيض بالناحية الشرقية والتي تعد حلقة الوصل مع وسط وشرق السودان.

و"بارا" هي آخر مدينة استعادتها "الدعم السريع" وفرضت سيطرتها عليها في 25  تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

أهمية استراتيجية
وتكتسب "بارا" أهمية استراتيجية لموقعها المتميز على بعد 40 كيلو متر شمال الأُبيض، حيث تربط ولاية شمال كردفان بمدينة أم درمان غربي الخرطوم التي يسيطر عليها الجيش. كما تعد المدينة بوابة تمنح من يسيطر عليها إمكانية الزحف غربا إلى بقية مدن الولاية ومنها إلى شمال دارفور.

وحاليا تتواجد قوات الدعم السريع في شمال وغربي الولاية التي تشهد اشتباكات متفرقة و هجمات بالطيران المسير وغارات جوية، حيث تبسط هذه القوات سيطرتها على مدن "جبرة الشيخ" و"حمرة الشيخ" والمزروب وسودري وأم بادر شمال وغربي الولاية. وتكمن أهمية مدن غرب الولاية في أنها بوابة لدخول إلى مناطق ولاية شمال دارفور.

والسبت، استعاد الجيش السوداني سيطرته على منطقتي "كازقيل" و"أم دم حاج أحمد" بالولاية، بعد معارك مع "الدعم السريع"، بحسب مصدر عسكري للأناضول.

وكانت "قوات الدعم السريع" سيطرت على "أم دم حاج أحمد" في 27 أكتوبر الماضي، بعد أن سيطرت على كازقيل في 25 سبتمبر/ أيلول الماضي، إثر معارك مع الجيش السوداني.

وتقع "أم دم حاج أحمد" على بُعد نحو 70 كيلومترًا شمال شرقي الأُبيض عاصمة الولاية، وتشتهر بتاريخها العريق وسوقها الكبير الذي يعد من أكبر الأسواق في المنطقة، كما تعرف بكونها مركزا تعليميا ودينيا يحتضن عددا من مراكز تحفيظ القرآن الكريم.



بينما تقع كازقيل جنوبي الأُبيض بحوالي 45 كيلو مترا، وتكتسب أهمية استراتيجية كونها مدخلا لمدن ولاية جنوب كردفان، خاصة الدبيبات والخوي (شمال) الواقعة تحت سيطرة "الدعم السريع".

والسيطرة على "كازقيل" و"أم دم حاج أحمد" يفتح طريقا هاما للوصول إلى مدينة "النهود" بولاية غرب كردفان ومنها إلى ولاية شرق دارفور وعاصمتها الضعين، اللتين تسيطر عليهما "قوات الدعم السريع".

وتتفاقم المعاناة الإنسانية بالسودان جراء تصاعد المواجهات بعدة جبهات ضمن حرب دامية مستمرة بين الجيش و"قوات الدعم السريع" منذ نيسان/ أبريل 2023، أدت إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد نحو 13 مليون شخص.

ومن أصل 18 ولاية بعموم البلاد، تسيطر "قوات الدعم السريع" حالياً على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور التي لا تزال في قبضة الجيش، الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية في الجنوب والشمال والشرق والوسط، بينها العاصمة الخرطوم.