صحافة إسرائيلية

دعوة إسرائيلية لصياغة سياسة واضحة تجاه سوريا وعدم ترك القرار لترامب

قال موقع عبري إن الشرع شهد أحد أنجح أسابيعه بزيارته إلى واشنطن- سانا
تسود الأوساط الداخلية الإسرائيلية نقاشات متصاعدة بشأن دور "إسرائيل" وموقعها ضمن المعادلة الأمريكية- السورية الجديدة، وذلك في أعقاب استقبال الرئيس دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، الرئيس السوري أحمد الشرع في البيت الأبيض.

الباحث الإسرائيلي إيال زيسر يرى في تحليل نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، أن على "تل أبيب" أن تبادر إلى صياغة سياسة واضحة تجاه سوريا، وعدم ترك البيت الأبيض يقرر عنها، كما حدث في ملفات أخرى خلال الأشهر الماضية.

وتساءل زيسر كيف خفف أحمد الشرع من حدة تصريحاته مؤخراً، ونأى بنفسه عن تنظيم الدولة والقاعدة، حيث قال إن المسار الطويل للشرع، الذي بدأ شبابه بالانخراط في تنظيمات جهادية، ثم بحسب روايته، دفعته الانتفاضة الفلسطينية الثانية مطلع الألفية إلى تبني رؤية إسلامية راديكالية، فانتقل من سوريا إلى العراق للقتال في صفوف القاعدة و"داعش" ضد القوات الأمريكية، وقد أسره الأمريكيون وقضى سنوات في سجونهم قبل الإفراج عنه.

التكيف مع ما تريده الولايات المتحدة
وأضاف زيسر أن أحمد الشرع، بعد عودته إلى سوريا عام 2012، أسس فرعاً سورياً للقاعدة أطلق عليه اسم "جبهة النصرة"، لكن السنوات اللاحقة شهدت تحولات تدريجية في خطابه، إذ انفصل عن "داعش" والقاعدة، وأعلن أن الولايات المتحدة لم تعد عدواً، وأن مجموعاته لن تستهدف مصالح أمريكية، كما حافظت قواته المنتشرة في الجولان آنذاك على الهدوء على الحدود مع إسرائيل، ورغم هذا فإن واشنطن لم تقتنع بهذه التحولات، فصنفته تنظيماً إرهابياً، ورصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، ونفذت عمليات خاصة ضده وضد رجاله.



لكن "كثيراً من المياه جرى في نهر بوتوماك"، كما يقول زيسر، فالرجل الذي كان مطارداً من الأمريكيين صار اليوم ضيفاً مرحباً به في البيت الأبيض، وسط تقارب ملحوظ بينه وبين ترامب، حيث قدَّم الشرع نفسه في واشنطن على أنه سياسي براغماتي نضج، وتخلى عن "نزوة شبابية"، وأنه منذ تسلمه السلطة في سوريا، حرص على التكيف مع ما تريده الولايات المتحدة، وحافظ في الوقت نفسه على مستوى منخفض من التوتر مع إسرائيل.

في المقابل وحسب زيسر، ترى إسرائيل أن هذا التحول لم يأتِ من فراغ، فترامب الذي قال قبل عقد من الزمن إن سوريا ليست سوى "رمال وموت"، لا يُبدي اهتماماً كبيراً بالقضايا السورية، ولا يضع الاضطهاد الديني أو حقوق الأقليات في طليعة معاييره، وفوق ذلك، تراجع الدور التقليدي لإسرائيل كشريك استراتيجي في كل خطوة تتخذها واشنطن في المنطقة، وبدلاً من ذلك، بات ترامب يستشير حليفَيه الأقربين في هذا الملف وهما "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير قطر"، اللذين احتضنا الشرع في السنوات الأخيرة.

هل الشرع قادر على إنهاء الحرب؟
إيال زيسر، يقول إن الشرع يُسوق نفسه لدى واشنطن كرجل قادر على إنهاء الحرب السورية، ومحاربة تنظيم "داعش"، وخدمة المصالح الأمريكية، وفتح مسار تفاوضي مع إسرائيل، ومع أن تل أبيب تشارك واشنطن جزءاً من هذا التقدير، فإن المخاوف الإسرائيلية قائمة، أبرزها، "الشرع ورغم اعتداله الظاهري، إلا أنه يقود دولة تتخذ منحىً إسلامياً متشدداً، و(تضطهد) الأقليات العلوية والدرزية والمسيحية، وتسعى لفرض نمط ديني على مجتمع كان يُعد علمانياً نسبيا"، لكن والكلام لـ"سيزر"، ففي ميزان القوى الحالي، لا يشكل النظام السوري الجديد تهديداً مباشراً لإسرائيل، نظرا لكون البلاد مدمرة، وجيشها مفكك، كما وأن الشرع يرى في إيران و"حزب الله" عدوه الأول، لا إسرائيل.

تهميش دور إسرائيل 
الواقع اليوم يمنح إسرائيل هامشاً للمناورة، كما يقول زيسر، لكنه يتطلب وجود سياسة واضحة تجاه سوريا، وهو ما تفتقر إليه الحكومة الإسرائيلية حالياً، فغياب هذه السياسة يفسح المجال أمام واشنطن، وتحديداً ترامب، لاتخاذ القرارات بالنيابة عن تل أبيب، تماماً كما حدث الشهر الماضي في ملف غزة، وكما يحدث اليوم في الملف السوري، ويخلص التحليل إلى أن على دولة الاحتلال أن تحدد بسرعة رؤيتها تجاه الشرع وسوريا ما بعد الحرب، قبل أن تجد نفسها مرة أخرى أمام سياسة أمريكية تُفرض عليها من دون مشاركة حقيقية.