قضايا وآراء

حاجة الأمة إلى رجل الدولة

عزالدين مصطفى جلولي
لا يرتقي الفاعلون السياسيون مهما تنوعت مشاربهم إلا حينما يفقهون بأنهم مكلفون بأداء أمانة العدل بين الناس، وإن تضييع هذه الأمانة خيانة عظمى جزاؤها وبيل عند الله في الدنيا وفي الآخرة.. الأناضول
لا يرتقي الفاعلون السياسيون مهما تنوعت مشاربهم إلا حينما يفقهون بأنهم مكلفون بأداء أمانة العدل بين الناس، وإن تضييع هذه الأمانة خيانة عظمى جزاؤها وبيل عند الله في الدنيا وفي الآخرة.. الأناضول
صناع الوحدة

اتحاد المغاربة يحتاج إلى رجال مثل الأمير عبد القادر والمجاهد عبد الكريم الخطابي وعمر المختار
ليولد مكتملا قويا، ولا أظن بأن الأقدار ستجري اتحادا عظيما كهذا على أيدي الحكام الحاليين. وشر البلية ما يضحك حقا، فإن القادة المغاربة أعطوا حاديهم، أعني "الأمم المتحدة" التسمية المهذبة للاستعمار، مكنة تقرير الحل النهائي لمشكلة الصحراء. ولقد أبانت الدول الفاعلة في مجلس الأمن عن نواياها وقلبت للأمة الأمور.

لذلك، يحسن بالبرلمان الجزائري إضافة بنود تتعلق بالتعبئة المعنوية للشعب وللجيش، تعبئة تسبق الدخول في هذه المرحلة وفي المرحلة التي تليها وهي إعلان الحرب وتترافق معهما، كما فعل الرئيس الراحل صدام حسين ذلك في "الحملة الإيمانية" ببنودها المعروفة، ولكن إقراره لها في ذلك الحين كان متأخرا جدا فلم تؤت أكلها كما يجب، ووقع للعراق العزيز ما وقع.

إن التنافر الموجود بين رام الله وغزة عميق وجوهري ومرجعه إلى البنية الفكرية للطرفين، لذلك فالحديث عن الالتحام والوحدة من دون انقلاب للسلطة ورجالاتها في القناعات لا فائدة منه. إنه يكفي الأحرار والشرفاء أن يثبتوا ويكفيهم أن يلتحق بهم التائبون العابدون من كتائب الأقصى، والمضي بصبر وثبات جمعا، لنيل إحدى الحسنيين قدما، فلكل جيل رجاله وتضحياته، والنصر مكتوب لأحدهم لا محالة.

أخلاق السياسي

رجال الدولة الحقيقيون لا يدخلون في مثل هذه الزواريب الضيقة حيث تضيع المروءة. ومن يكيد لغيره يكاد له حتما. لكن، إلى متى يظل العراق العزيز يتقلب من مكايدة إلى أخرى باسم القومية تارة وباسم الدين تارة أخرى؟ إنه لا يرتقي الفاعلون السياسيون مهما تنوعت مشاربهم إلا حينما يفقهون بأنهم مكلفون بأداء أمانة العدل بين الناس، وإن تضييع هذه الأمانة خيانة عظمى جزاؤها وبيل عند الله في الدنيا وفي الآخرة.

السلم الذي يصعد عليه أمثال هؤلاء الرؤساء هو الأولى بالمراجعة، والحاجة ملحة إلى هيئة "حل وعقد" محصنة من أن تطولها أيدي هؤلاء الطغاة، وقبل ذلك كله ومعه ضرورة أن نبالي بالمرجعية الأخلاقية في السياسة، التي تشترط في الحاكم العلم والصلاح والكفاية والقدرة، والتي لا يلتفت إليها إلا القليل، فلذلك أصبحت دولنا، بتلكم القيم، مفلسة وفريسة هينة لمستبد تسلق "ديموقراطيا" إلى رأس الولاية العامة.

الولاء للأمة

ما كانت المدن التاريخية كدمشق وبغداد وقرطبة لتكون حواضر حقيقية لو أنها انكفأت عن أعمال الحياة بكل تشعباتها والإحسان فيها وانشغلت بفك متلازمة "السلطة والحرية والديمقراطية"، كما نفعل اليوم. أمام الحكم في سورية تجارة رابحة لن تبور إذا ما هو وسع بعدله الناس أجمعين.

الدروز ليسوا قبيل شر، وعليهم أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر في مضاربهم وفي كل سورية، وليس عليهم أن يخضعوا لفئات خاصة من ذويهم تتولى أمنهم بالسلاح في جرمانا وغيرها، ما دامت هنالك جهات رسمية تتولى ذلك، وإلا أصبحنا دولة داخل دولة، وهذا مفض للمنازعة وإراقة الدماء هدرا.

جمال عبدالناصر، إن أحسنا الظن به، نقول بأنه كان يقرأ في ما قال للقذافي سرا موازين القوة المادية فحسب، وكان يبيع للشعوب الوهم علنا حتى لا تنهزم. وبما أنه ذكر في التسجيل الاستسلام والنأي بمصر عن المواجهة وترك ذلك لمن يريد، وكان هو يريد المساومة والتقسيم، فعلى الرجل إذن ما يقال، وليس هو كما نعرف ويعرف من يتخذه صنما يلهمه. ومن السابق لأوانه الحكم الأخير على هذا الزعيم الذي أثر في الأمة دهرا، حتى تخرج أسرته للناس كل إرثه المستور.
السنية ليست عصبية، والشرع ليس وحده من يحكم سورية. الكيان المحتل لا يريد دولة قوية تجاوره تؤمن بالله وتحمل مشروعا ثقافيا يمتد وصله إلى أعماق التاريخ؛ لذلك فهو يحتاج إلى بيادق وشماعة لوأد الجنين، فوجد ضالته في الدروز حاليا، إلى حين تتبدل الموازين والحسابات. والحديث مغزاه يعود إلى أهلنا الأحرار من الدروز في حوران، أن الأمة بحاجة إلى كل قطرة دم وإلى كل رصاصة وحبة قمح، فلا تردينكم الأوهام بدعم الكيان المسموم المهالك، لأن التشقق باد على الطائفة، وأنتم من سيتولى دفع الثمن لا الصهاينة، في معركة لا ريب أنها خاسرة.

ما أكثر الوثائق لدى الإخوة الأكراد وما أوسع تشكيلاتهم! حتى إن العقول المتابعة لشؤونهم لتنوء بحفظها والتمييز بينها. وعبثا يحاول من يدعي تمثيل قومه أن يتجاوز حقيقة البنية الثقافية والاجتماعية لأهالي المنطقة، والتي أشار إليها عبدالله أوجلان بشجاعة في بيانه الأخير، وإن كان ما قاله تحصيل حاصل تأخر التصريح به طويلا. على أن البكائية من بعض الساسة على حقوق المكونات الصغيرة كان ولا يزال مدعاة للمطالبة بنظام حكم يلغي حق الأغلبية المسلمة، التي ينضوي فيها كل من آمن بالله وبرسوله بغض الطرف عن أصوله وثقافته. بل ويجعل من تجزيء القضايا، ومنها قضية المكون الكردي المسلم، مبررا ليتحالف مع القوى الإمبريالية من دون أن يشعر بجسامة ما يصنع، وينكر على غيره فعلها. وتلكم مفارقات تعيب الأطروحات النابية عن نسيج المنطقة المتناسق عبر التاريخ.

موازين الرجولة

عندما تدلهم عليك الخطوب كما هي اليوم على النظام المصري برمته، لا الرئيس السيسي فحسب، على المؤمن أن يراجع حساباته ويتوب إلى الله لعل العواصف تنجلي، لا أن يجترح النظام مناورات قد تودي به وهو يخاصم أعتى قوتين تحالف معهما دهرا. أعني بالتوبة رد المظالم إلى أهلها وطلب الصفح من الضحايا، وما أكثرهم في مصر المحروسة!

مصر اعترفت بالصين الشعبية ابتداء، فما الذي أخرها عن الصعود إلى الريادة كما فعل التنين؟ لا يزال بعضنا يمجد العسكرية، ولما تجف دماء الأبرياء في رابعة والنهضة بعد. وعلى كل حال، فإن من فشل في النهوض بمصر، وحملها ديونا يئن تحت وطأتها أهلنا المصريون، ويعجز عن فتح بوابة من حديد تفصله عن إخوانه المنكوبين في غزة، لا يمكنه أن يواجه عدوا كإسرائيل يبيد الفلسطينيين على مرمى بصر منه، مهما بالغ في الإنفاق على التسلح من أقوات المصريين الفقراء.

إن التنافر الموجود بين رام الله وغزة عميق وجوهري ومرجعه إلى البنية الفكرية للطرفين، لذلك فالحديث عن الالتحام والوحدة من دون انقلاب للسلطة ورجالاتها في القناعات لا فائدة منه. إنه يكفي الأحرار والشرفاء أن يثبتوا ويكفيهم أن يلتحق بهم التائبون العابدون من كتائب الأقصى، والمضي بصبر وثبات جمعا، لنيل إحدى الحسنيين قدما، فلكل جيل رجاله وتضحياته، والنصر مكتوب لأحدهم لا محالة.
من حق الشعوب أن تعرف كل شيء عن قادتها، لتضعهم في المكانة اللائقة بهم. التكتم على التسجيل المسرب للرئيس جمال عبد الناصر حتى ظهر للعلن فجأة تتحمل الجهات الرسمية شبهة التعمية عنه وكذا عائلته الوصية على إرثه. كما أن إظهاره الآن يطعن في نوايا الجهات المستفيدة من ذلك، وهي جهات تسعى لبث الوهن في الأمة وقودها إلى التركيع، وهي كثيرة من جلدتنا ومن غيرنا، خاصة في هذه الأيام المشهودة التي تسجل ملاحم الصمود والتصدي وخزايا الخنوع والتردي.

جمال عبدالناصر، إن أحسنا الظن به، نقول بأنه كان يقرأ في ما قال للقذافي سرا موازين القوة المادية فحسب، وكان يبيع للشعوب الوهم علنا حتى لا تنهزم. وبما أنه ذكر في التسجيل الاستسلام والنأي بمصر عن المواجهة وترك ذلك لمن يريد، وكان هو يريد المساومة والتقسيم، فعلى الرجل إذن ما يقال، وليس هو كما نعرف ويعرف من يتخذه صنما يلهمه. ومن السابق لأوانه الحكم الأخير على هذا الزعيم الذي أثر في الأمة دهرا، حتى تخرج أسرته للناس كل إرثه المستور.

كيما يتبين السياق المجتزأ من النص الذي يطعن في مصداقية الرجل، يحسن بالقائمين على تاريخه ونضالاته وبأسرته كذلك نشر النص كاملا على منصات التواصل وكشف الجهة التي تعمدت تشويه سمعته على الملأ. الرئيس جمال له وعليه، ونزع الزعامة عنه تجن، وخلع القداسة عنه تعصب.
التعليقات (0)