صحافة دولية

أوبزيرفر: سوريا تعمل على الاستفادة من تصريحات ترامب ورفع العقوبات سريعا

رفع العقوبات عملية معقدة وتتطلب مدخلات من وكالات حكومية بالإضافة إلى الكونغرس- واس
رفع العقوبات عملية معقدة وتتطلب مدخلات من وكالات حكومية بالإضافة إلى الكونغرس- واس
قالت صحيفة "أوبزيرفر" إن سوريا تعمل على تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة بعد الكلمات "الدافئة" من الرئيس دونالد ترامب للرئيس السوري أحمد الشرع.

وأضافت في تقرير لها إنه بعد عقد من الزمان، ومكافأة على رأسه قدرها 10 ملايين دولارا لقيادته جماعةً جهادية، صافح الرئيس السوري المبتسم زعيم الدولة التي احتجزته سابقا في سجن أبو غريب العراقي سيئ السمعة. ووصف دونالد ترامب لاحقا الشرع، البالغ من العمر 42 عاما، بأنه "شاب جذاب ولديه فرصة حقيقية للنجاح".

وقد حمل قرار ترامب المفاجئ بلقاء الشرع في الرياض خلال رحلته إلى الشرق الأوسط أكثر من مجرد رمزية من الوزن الثقيل. فقد قال الرئيس الأمريكي لمجموعة من قادة الخليج: "سنرفع جميع العقوبات عن سوريا لنمنحهم فرصة لبداية جديدة". وأضاف أن عقودا من العقوبات الأمريكية "كانت معرقلة للغاية، وقوية جدا".

اظهار أخبار متعلقة



وأضاف التقرير أن العقوبات عزلت السوريين عن بقية أنحاء العالم. وقد ودفع خبر إلغائها الناس إلى الخروج إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد للاحتفال. وتجمعت حشود غفيرة في ساحات دمشق وحمص وإدلب، ولوح الكثيرون منهم بالأعلام السعودية الخضراء إلى جانب الأعلام السورية.

وقال الخبير المالي السوري كرم شعار في رسالة مصورة، وسط أصوات أبواق السيارات في شوارع دمشق: "أنا مسرور للغاية لرؤية هذا يحدث، نحن السوريون نستحق بداية جديدة".

ولسنوات، عجز السوريون الذين كانوا يعيشون في ظل الحكم الديكتاتوري لبشار الأسد، عن الاتصال بالنظام المصرفي الدولي أو حتى بمقدمي خدمات البريد الإلكتروني الأمريكيين وذلك بسبب العقوبات التي تستهدف الرئيس السابق وحكومته.

وفي كثير من الأحيان، تم إخفاء السلع المستوردة لتجنب الشكوك. وتحدث الناس بخوف عن الدولار بطريقة مشفرة، مستخدمين مصطلحات مثل "حفنة بقدونس" أو "نعناع"، لمناقشة أسعار السوق السوداء.

وقد قلب إعلان ترامب الطاولة على سنوات من السياسة الأمريكية، التي حافظت على مجموعة واسعة من العقوبات التي تهدف إلى استهداف عائلة الأسد وداعميهم لفترة طويلة بعد فرار العديد منهم إلى موسكو في  كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حيث قاد الشرع عملية عسكرية سريعة أطاحت بالنظام السابق. لم يقترح الرئيس الأمريكي التنازل عن بعض العقوبات فحسب، بل رفعها بالكامل، متجاوزا بكثير ما كان يأمله الداعون لرفعها.

وأشارت الصحيفة  إلى  أن مجموعة ضعط التقت بالشرع قبل أسبوع من  رحلة ترامب إلى منطقة الشرق الأوسط. وعملت المنظمة السورية للطوارئ ومسؤولين سوريين آخرين على  إغراء الرئيس الأمريكي بفرصة مالية في الدولة الناشئة. وأشاروا إلى أن شركات الاتصالات الأمريكية يمكنها بسرعة التخلص من منافسيها الصينيين في سوريا، بينما مازح رجل أعمال أمريكي قائلا إنه يمكن بناء برج ترامب في دمشق.

وقال مسؤول حكومي أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته: "فوجئ الجميع بما أعلنه الرئيس، لقد فاق التوقعات بكثير. لقد استقر على موقف متطرف للغاية لرفع العقوبات".

وعلى مدى أشهر، دارت معركة شرسة داخل البيت الأبيض في عهد ترامب بين البيروقراطيين البراغماتيين، الحريصين على رفع العقوبات مع رحيل الأسد، والأيديولوجيين بقيادة سيباستيان غوركا، مدير مكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي، الذين يشككون في ماضي الشرع الجهادي ويريدون إبقاء العقوبات.

وقال المسؤول وآخرون إن معسكر غوركا كان مسؤولا عن وضع قائمة شروط تعجيزية قدمت لوزير الخارجية السوري الجديد أسعد الشيباني في بروكسل قبل شهرين، وتضمنت عدة بنود وصفوها بـ"حبوب السم"، تمنع رفع العقوبات الأمريكية ولا تستطيع الحكومة السورية تنفيذها.

وقال المسؤول: "كان ترامب وحده من امتلك الجرأة والسلطة للدفع نحو رفع العقوبات بالكامل. النقاش الكبير الآن، والذي لم يحسم بعد، هو مستوى ووتيرة الرفع". وأضاف: "حتى الآن، إذا لم يأمر من الأعلى برفع جميع العقوبات، فسوف يتحول الأمر إلى عملية تدريجية وبطيئة جدا".

وتماشيا مع نهجه في السياسة الخارجية، قلب ترامب عقودا من التقاليد الدبلوماسية بكلماته، رغم أن تنفيذ مطالبه لا يزال مفتوحا للتأويل. وبينما كان الرئيس الأمريكي يجول في الشرق الأوسط، ظل الكثيرون في واشنطن غير متأكدين مما قد يحدث لاحقا.

وبعد رحيل الأسد طلب موظفو وزارة الخارجية الأمريكية، وعلى حال السرعة، من مسؤولي الخزانة الأمريكية وضع خطط لمنع الاقتصاد السوري من الانهيار والحفاظ على استقرار البنك المركزي إلا أن خططهم ظلت متوقفة بسبب العقوبات.

ويعني إعلان ترامب نظريا أنه يمكنهم البدء في العمل، ولكن فقط بعد كسب المعركة البيروقراطية لرفع العقوبات.

ووصفت ديلاني سايمون من مجموعة الأزمات الدولية قرار ترامب بأنه "خطوة ضخمة" و"شيء غير مسبوق تقريبا في التاريخ الحديث لتخفيف العقوبات". ومع ذلك، حذرت من أن رفع العقوبات عملية معقدة بطبيعتها، وتتطلب مدخلات من وكالات حكومية متعددة بالإضافة إلى  الكونغرس.

ويشير مؤيدون مثل المنظمة السورية للطوارئ إلى قانون قيصر، الذي وقعه ترامب في عام 2019 وفرض عقوبات على الأسد لارتكابه جرائم حرب ضد شعبه، باعتباره يعيق الآن إعادة إعمار سوريا. وهناك حاجة إلى تصويت الكونغرس بسرعة لإلغائه.

وقال المسؤول الحكومي إنه لا يزال من الممكن حدوث خلافات حول شروط كل إعفاء ومدخلات من مختلف أجزاء الحكومة.

وقال معاذ مصطفى، المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ: "يجب الدفاع عن سياسة الرئيس من المنتقدين داخل إدارته". ولتحقيق هذا، قامت القوة بتسهيل عمل ترامب والتحضير لما أسمته "قرار تنفيذي محتمل".

ويحتوي الأمر المحتمل واطلعت عليه "أوبزيرفر" على بنود تفضي لتحسين العلاقات سريعا مع الحليف المحتمل الجديد لواشنطن، من خلال رفع التجميد عن ممتلكات الحكومة السورية وإزالة العوائق أمام ممارسة الأعمال التجارية.

اظهار أخبار متعلقة



ومن بين بنوده إصدار ترخيص عام يقنن جميع المعاملات المحظورة سابقا والتي تشمل أمريكيين أو النظام المالي الأمريكي، مما يسمح "باستيراد وتصدير السلع والخدمات والتكنولوجيا والاستثمارات في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والبناء في سوريا". ويعتقد مصطفى أن الأمر التنفيذي المحتمل يمثل فرصة لالتقاط الصور التذكارية التي يستمتع بها ترامب. وقال: "إنها واحدة من الوثائق التي يحب ترامب توقيعها، وبذلك، يتجاوز أولئك الذين قد يرغبون في إبطاء رفع العقوبات".

وقال خبراء ماليون سوريون، مثل الشعار، إنه على الرغم من الفرحة السائدة في شوارع دمشق، لا تزال هناك أسئلة كثيرة مطروحة. فعلى الرغم من إعجاب ترامب بالشرع، لا يزال الرئيس السوري وآخرون في حكومته خاضعين لعقوبات الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، مما يترك سؤالا رئيسيا حول ما إذا كانت واشنطن ستضغط من أجل رفع هذه العقوبات من قبل مجلس الأمن. وقال الشعار: "هناك الكثير مما يحتفى به، ولكن علينا عدم التسرع في الاستنتاجات".

التعليقات (0)