مقابلات

منظمة "كيج" الحقوقية لـ "عربي21" : بريطانيا تستخدم قوانين الإرهاب لإسكات داعمي فلسطين

كيج الدولية: تصنيف حماس كـ'إرهابية' قرار سياسي يهدد حرية التعبير في بريطانيا - عربي21
كيج الدولية: تصنيف حماس كـ'إرهابية' قرار سياسي يهدد حرية التعبير في بريطانيا - عربي21
قدمت منظمة "كيج إنترناشيونال" الحقوقية البريطانية٬ طلبًا قانونيًا إلى وزارة الداخلية البريطانية، تطالب فيه بإزالة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" من قائمة التنظيمات المحظورة في المملكة المتحدة، معتبرة أن تصنيفها ينتهك حرية التعبير ويُطبق بصورة تمييزية، في خرق صريح للمادتين 10 و14 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. 

ويمثل هذا التحرك أول طلب قانوني يركز على الطابع الجوهري للقمع السياسي، وليس فقط على الإجراءات الشكلية، مسلطًا الضوء على ما وصفته المنظمة بـ"القمع المنهجي لحرية التعبير السياسي"، خصوصًا داخل أوساط الجاليات المسلمة في بريطانيا

وأشارت "كيج" في طلبها إلى الاستخدام التعسفي للمادة 12 من قانون الإرهاب لعام 2000، والتي تُجرم أي تعبير عن دعم منظمات محظورة، بما في ذلك منشورات وسائل التواصل الاجتماعي، والخطابات العامة، وحتى حضور الاجتماعات، موضحة أن هذه المادة تُستخدم كأداة لقمع التضامن مع القضية الفلسطينية.



ونستعرض في حوار خاص لـ "عربي21" مع مدير العلاقات العامة بمنظمة "كيج" الحقوقية، أنس مصطفى، الطعن القانوني المقدّم إلى وزارة الداخلية البريطانية لإلغاء تصنيف حركة حماس وجماعات مقاومة فلسطينية أخرى كـ"منظمات إرهابية"، ونتناول الخلفيات القانونية، والتداعيات الاجتماعية، وسبل الدفاع عن حقوق الجاليات المسلمة والمتضامنين مع فلسطين.

ما الأسس القانونية التي تعتمدون عليها في طلبكم لإلغاء تصنيف جماعات المقاومة الفلسطينية؟ وكيف يتعارض هذا التصنيف مع القانون البريطاني؟

الحكومة البريطانية تمتلك سلطة حظر أي جماعة تراها منخرطة في أنشطة تُعرف قانونيًا على أنها إرهابية، وقد تم حظر حركة المقاومة الفلسطينية حماس عام 2021، بعدما سبق تصنيف جناحها العسكري "كتائب عز الدين القسام" عام 2001.

لكن وفق قانون الإرهاب لعام 2000، فإن للجماعات المحظورة والأفراد المتضررين من هذا الحظر٬ سواء بشكل مباشر أو غير مباشر٬ الحق في تقديم طعن إلى وزارة الداخلية، خصوصًا إذا كان الحظر تم بدوافع سياسية أو بطريقة تعسفية تتسبب بأضرار قانونية وسياسية.

استندنا في منظمة "كيج" إلى هذا الإطار القانوني في تقديم الطعن، لا سيما أننا نمثل مئات المتضررين من هذا الحظر، بما فيهم نشطاء حقوقيون مؤيدون للقضية الفلسطينية، والذين باتوا يتعرضون للملاحقة تحت قوانين الإرهاب فقط لأنهم يدعمون نضالًا فلسطينيًا يُنظر إليه اليوم من زاوية أمنية بحتة.

من هم العملاء الذين تمثلونهم؟ وما طبيعة الاستهداف الذي يتعرضون له؟

عملاؤنا هم أفراد عاديون من المجتمع البريطاني: أطباء، مهندسون، آباء وأمهات، بل وحتى أطفال. بعض هؤلاء أُحيلوا إلى برامج مكافحة التطرف مثل برنامج "بريفينت" (Prevent)، بسبب شكاوى كيدية تتهمهم بدعم الإرهاب.

شهدنا حالات مؤسفة مثل فنانين تم اعتقالهم فجرًا أمام أطفالهم فقط لأنهم رسموا لوحات داعمة لفلسطين، بناء على بلاغات من جهات ذات توجهات صهيونية. ملفاتنا القانونية تضم أكثر من 20 قضية ضمن هذا الطعن، إضافة إلى مئات القضايا الأخرى ضمن عملنا الحقوقي اليومي.

اظهار أخبار متعلقة


كيف أثرت قوانين مكافحة الإرهاب على حرية التعبير والتضامن مع فلسطين في بريطانيا؟

هذه القوانين تم تفصيلها عمليًا لاستهداف الجالية المسلمة. تقارير عديدة، بما فيها مراجعة أجريناها لقوانين الإرهاب على مدى 20 عامًا، أثبتت أن المسلمين هم الفئة الأكثر تضررًا.

حرية التعبير باتت مهددة، إذ يُمكن أن يُحاكم شخص بـ14 سنة سجنًا فقط لأنه عبّر علنًا عن دعمه لحماس. يُوقف الناس في المطارات دون أدنى شبهة، وتُمنح السلطات صلاحيات واسعة للتدخل في الحريات الفردية. هذه السياسات تُستخدم الآن ضد النشطاء المؤيدين لفلسطين، إذ أصبحت القضية الفلسطينية تُعامل كملف أمني.

ما الخطوات التالية بعد انقضاء مدة التسعين يومًا التي تُمنح لوزارة الداخلية للرد على الطعن؟

وزارة الداخلية تملك مهلة 90 يومًا للرد. إن رفضت الطعن  وهو المتوقع بحكم المزاج السياسي الحالي٬ فسيُحال الملف إلى هيئة شبه قضائية مستقلة تُعرف باسم "لجنة الطعون على تصنيف المنظمات المحظورة" (Proscribed Organisations Appeal Commission - POAC).

هذه اللجنة تملك صلاحية إلزام وزارة الداخلية بإلغاء الحظر إذا تبين أن الطعن قانوني وقوي. لذا نحن مستعدون لمواصلة الإجراءات أمام هذه الهيئة القضائية المستقلة.

ما هي فرص النجاح والتحديات التي تواجهونها؟

القضية في جوهرها تفرض نقاشًا عامًّا ضروريًا حول حدود حرية التعبير في بريطانيا. نعلم أن المزاج العام في الإعلام والسياسة لا يميل لصالحنا، لكننا نؤمن أن طرح هذه القضايا يوسع من مساحة النقاش العام، ويُحرج المسؤولين ويضعهم أمام تساؤلات صعبة.

سواء نجحنا أم لا، فإن رفع هذه القضية يُمثل مكسبًا بحد ذاته، لأنها تضع الحكومة البريطانية أمام اختبار حقيقي لالتزامها بحرية التعبير والعدالة، خصوصًا في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

ما الأهداف طويلة المدى لهذه القضية؟ وكيف يمكن أن تؤثر على المجتمع الفلسطيني ومؤيديه في بريطانيا؟

أحد أهدافنا هو إعادة فتح المساحة السياسية والقانونية للتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكسر الحظر المفروض على أهم جماعاته السياسية. هذه القضية ليست قانونية فقط، بل رمزية ونضالية كذلك.

نسعى لتمكين المجتمعات الداعمة لفلسطين في بريطانيا من استعادة قدرتها على العمل بحرية، من دون أن تُلاحق كمشتبه بها أو تُخضع للمراقبة.

اظهار أخبار متعلقة


هل تتوقعون أن يكون لهذه القضية تأثير على دول أوروبية أخرى؟

بلا شك هذا الطعن القانوني قد يُلهم منظمات حقوقية أخرى في أوروبا لرفع قضايا مماثلة. ونأمل أن تتشكل موجة قانونية مضادة للهجمة التي تشنها جماعات الضغط الصهيونية ضد الحركة الفلسطينية، وضد الناشطين الأوروبيين المؤيدين لفلسطين.

ما رسالتكم للمجتمع البريطاني والدولي بشأن أهمية هذه القضية في سياق حقوق الإنسان وحرية التعبير؟

لا يمكن الحديث عن فلسطين دون الاعتراف بالواقع السياسي هناك. حظر حركات فلسطينية كبرى هو تغطية متعمدة للحقائق على الأرض.

هناك ازدواجية فاضحة في المعايير: دولة ترتكب الإبادة الجماعية توصف بأنها ديمقراطية، فيما يُصنف شعب تحت الاحتلال يدافع عن نفسه كـ"إرهابي".

إن التعامل مع القضية الفلسطينية من منظور أمني فقط، له تبعات خطيرة على المجتمعات الأوروبية، وخصوصًا الجاليات المسلمة والنشطاء الحقوقيين.

دعوانا تستند إلى قوانين حقوق الإنسان الأوروبية، ونسعى من خلالها لوقف توظيف قوانين الإرهاب في إسكات الصوت الفلسطيني ومؤيديه. 

ما لم يُلغ هذا الحظر، ستستمر السلطات في ملاحقة الحركات الفلسطينية ونشطاء التضامن وكأنهم تهديد أمني، وهذا مؤشر خطير على انحدار الحريات وازدواجية المعايير التي أصبحنا للأسف نألفها في السياسة الغربية تجاه فلسطين.

التعليقات (0)

خبر عاجل