تتسع رقعة الاحتجاجات الشعبية أمام
السفارات المصرية في عدد من دول العالم، تنديدا بما وصفه نشطاء وحقوقيون بـ"تواطؤ نظام عبد الفتاح السيسي مع الاحتلال الإسرائيلي" في استمرار
الحصار المفروض على قطاع
غزة، وسط تصاعد المجاعة التي تهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين.
وأطلق نشطاء دعوات للتظاهر أمام السفارات المصرية حول العالم السبت القادم٬ للضغط من أجل إدخال المساعدات إلى غزة.
وتأتي هذه التحركات في ظل تصاعد الغضب الشعبي والحقوقي إزاء استمرار إغلاق معبر
رفح البري، ومنع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع منذ بداية العدوان الإسرائيلي في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما فاقم من حدة الكارثة الإنسانية في غزة حتى وصلت حد المجاعة.
بيروت: محاولة اقتحام رمزي للسفارة المصرية
في لبنان، نفذ عشرات الفلسطينيين من أبناء المخيمات إلى جانب مواطنين لبنانيين، اعتصاما أمام السفارة المصرية في بيروت، الأربعاء، احتجاجا على إغلاق معبر رفح ومنع تدفق المساعدات.
ورفع المحتجون لافتات طالبت بفتح المعبر فورا، متهمين القاهرة بـ"المشاركة الفعلية في الإبادة الجماعية" الجارية في غزة.
وشهدت التظاهرة توتراً محدوداً عندما حاول بعض الشبان الاقتراب من بوابة السفارة بشكل رمزي، في ظل استنفار أمني واسع حال دون تطور الأمور إلى مواجهات.
ودعا المنظمون إلى تصعيد الاحتجاجات ونصب خيم لاعتصام مفتوح حتى رفع الحصار وفتح المعبر.
هولندا: إغلاق رمزي للسفارة المصرية
في هولندا أقدم ناشط مصري على إغلاق مداخل السفارة المصرية باستخدام أقفال معدنية الاثنين الماضي، احتجاجا على "دور النظام المصري في تجويع الفلسطينيين"، كما أطلق هتافات غاضبة ووجه انتقادات حادة لرئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي.
ونشر الناشط أنس حبيب عبر مواقع التواصل فيديو يوثق لحظة إغلاق السفارة، وقام برش الطحين على بوابتها، في محاكاة رمزية لما يعانيه سكان غزة الذين يضطرون لجمع الطحين المختلط بالتراب للبقاء على قيد الحياة.
إسطنبول: الأتراك يطالبون بفتح المعبر
في تركيا، نظم نشطاء أتراك الأحد الماضي وقفة احتجاجية حاشدة أمام القنصلية المصرية في إسطنبول، ضمن فعاليات "يوم التضامن العالمي مع غزة"، رفعوا خلالها شعارات تدين الموقف المصري الرسمي، وتدعو إلى رفع الحصار فوراً.
وقال بيان الاحتجاج الذي وجه للنظام المصري: "إما أن تفتحوا المعابر لدخول المساعدات، أو افتحوا الحدود لنمشي إليها بالملايين".
وحذر المشاركون من أن استمرار إغلاق المعبر سيؤدي إلى "موت جماعي" خلال 48 ساعة بسبب الجوع، مستشهدين بشهادات من داخل غزة تؤكد نفاد الطعام تماماً، وعجز الأهالي عن إيجاد أي شيء يُؤكل.
أنقرة: مسيرة جماهيرية نحو السفارة المصرية
وفي العاصمة التركية أنقرة، انطلقت مسيرة حاشدة ضمن حملة "المسيرة العالمية إلى غزة" الشهر الماضي، شارك فيها المئات من النشطاء الأتراك والعرب، ورفعت شعارات تطالب بوقف المجازر وفتح المعبر فوراً. وندد المشاركون بما وصفوه بـ"التواطؤ المصري" في جرائم الاحتلال ضد الأطفال والنساء في غزة.
القاهرة.. ترحيل واعتقالات بحق المتضامنين الدوليين
وفي الداخل المصري، كان النظام المصري قد شنّ حملة اعتقالات وترحيلات واسعة بحق ناشطين دوليين، الشهر الماضي، قدموا للمشاركة في قوافل دعم غزة، خاصة قافلة "المسيرة العالمية إلى غزة".
ووثّق شهود عيان عمليات اعتداء وإهانة من قبل الأمن المصري و"بلطجية" بحق المتضامنين، الذين كانوا يستعدون للانطلاق إلى معبر رفح في إطار حملة لكسر الحصار.
في السياق ذاته، حذّر وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس من "سماح القاهرة لقافلة الصمود ببلوغ الحدود"، ووجّه جيش الاحتلال بمنع دخول أي قوافل إلى غزة، فيما أصدرت وزارة الخارجية المصرية بياناً شددت فيه على "ضرورة تقديم طلبات رسمية مسبقة"، وهو ما اعتُبر بمثابة رفض مبطن لعبور الوفود التضامنية.
موقف رسمي مصري "مرتبك"
والثلاثاء قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إن "الوضع الإنساني في غزة كارثي"، مؤكداً ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية والطبية بشكل عاجل.
غير أن البيان الرسمي لم يتطرق إلى مسألة فتح المعبر بشكل واضح، ما أثار انتقادات واسعة واعتبره مراقبون "مراوغة سياسية تهدف لتبرئة القاهرة دون تقديم التزامات فعلية".
كما دعا منظمو الاحتجاجات في أوروبا وكندا وأمريكا إلى توسيع رقعة المظاهرات أمام السفارات المصرية والعربية، تحت شعار "افتحوا معبر رفح.. أوقفوا التجويع". كما طالبوا المنظمات الحقوقية والبرلمانات الدولية بالضغط الفوري على نظام السيسي للكفّ عن ما وصفوه بـ"دور الشريك في الجريمة".
في وقت تموت فيه غزة جوعًا وتحت القصف، تتجه الأنظار إلى معبر رفح المغلق، حيث يتحول الصمت إلى إدانة، والتواطؤ إلى شراكة في الإبادة.
غزة على حافة الموت الجماعي
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، الثلاثاء، ارتفاع حصيلة ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 101 حالة وفاة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بينهم 80 طفلاً، وذلك عقب وفاة 15 فلسطينياً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، بينهم أربعة أطفال، نتيجة النقص الحاد في الغذاء والرعاية الطبية.
ويأتي هذا التصعيد الكارثي في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي المشدد، وسط تحذيرات من جهات فلسطينية ودولية من أن القطاع بات يقترب من سيناريو "الموت الجماعي"، في ظل الانهيار الكامل للنظام الصحي، والنقص الحاد في المواد الأساسية، وإغلاق المعابر أمام تدفق المساعدات الإنسانية.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة قد حذر، الأحد الماضي، من أن القطاع دخل فعلياً مرحلة "الموت الجماعي"، بعد مرور أكثر من 140 يوماً على الإغلاق الكامل للمعابر، ومنع دخول المساعدات الغذائية والدوائية. وأكد أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة.
كارثة إنسانية متفاقمة
ووفق تقديرات منظمات أممية، فقد تسببت الحرب والحصار بتشريد أكثر من 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون يقطنون القطاع، بعد أن دمّر الاحتلال الإسرائيلي عشرات الآلاف من المنازل والمؤسسات والبنية التحتية، فيما يعيش الناجون في ظروف كارثية داخل مخيمات النزوح الموقتة.
وبحسب وزارة الصحة، فإن القطاع يعاني من انهيار شبه كامل في النظام الصحي، مع خروج أكثر من 70% من المستشفيات والمراكز الطبية عن الخدمة، ما يجعل الأطفال والمرضى الأكثر عرضة للوفاة جوعًا أو نتيجة مضاعفات صحية يمكن تجنبها.
منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، يشن الاحتلال الإسرائيلي، بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة، حرب إبادة جماعية شاملة ضد غزة، جمعت بين القصف العنيف والتجويع الممنهج والتدمير والتهجير القسري، في تجاهل صارخ لكافة الدعوات والنداءات الدولية، بما في ذلك أوامر محكمة العدل الدولية التي طالبت بوقف فوري للعدوان واتخاذ إجراءات عاجلة لحماية المدنيين.
وقد أسفرت هذه الحرب حتى الآن عن سقوط أكثر من 201 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، فضلا عن وجود أكثر من 9 آلاف مفقود تحت الأنقاض، يُخشى أن يكون كثير منهم قد قضى نحبَه دون أن تُنتشل جثامينهم.