مقابلات

سفير لبناني لـ"عربي21": الوضع في الجنوب خطير والحلول تتطلب ضغطا دبلوماسيا

لبنان بين خروقات إسرائيلية وحتمية الحوار الدبلوماسي - أ ف ب "أرشيفية"
لبنان بين خروقات إسرائيلية وحتمية الحوار الدبلوماسي - أ ف ب "أرشيفية"
في ظل تصاعد خروقات الاحتلال الإسرائيلي لوقف إطلاق النار على الحدود اللبنانية الجنوبية، وتصاعد التوترات بين حزب الله والدولة اللبنانية حول مسألة سلاح الحزب، تتجه الأنظار نحو الحلول الدبلوماسية والإقليمية لاحتواء التصعيد. 

وفي حوار خاص مع السفير اللبناني السابق بالولايات المتحدة والدبلوماسي مسعود معلوف،  تناولت "عربي21" تصاعد الاستهدافات الإسرائيلية للعمق اللبناني، وخروقات وقف إطلاق النار، ومسألة سلاح حزب الله، إضافة إلى الدور المحتمل لمصر والدور الأمريكي في التهدئة والحوار غير المباشر مع الاحتلال الإسرائيلي.

في الأيام الأخيرة تصاعد الاستهداف الإسرائيلية للعمق اللبناني، مع تغير في لغة الخطاب بعد الهدنة الهشة٬ كيف تقرأ المشهد؟

برغم أن وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل سار منذ حوالي عام تحت رعاية الولايات المتحدة ودول أخرى، فإن الخروقات الإسرائيلية مستمرة منذ البداية. سجلت قوات اليونيفيل والميكانزم عدة آلاف من الخروقات الإسرائيلية، وتصاعدت وتيرة هذه الخروقات في الأيام الأخيرة. أضع ذلك في خانة ما يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالذات، الذي لا مصلحة له في إيقاف الحرب، ليس فقط في لبنان، بل في المنطقة ككل، لأنه يعرف أن انتهاء الحرب يعني انتهاء حياته السياسية وربما الوصول إلى السجن.

نتنياهو يواصل خرق وقف إطلاق النار في قطاع غزة ولبنان، متحديا حزب الله بعبارات قاسية، بهدف أن يبقى الحزب متمسكا بسلاحه، وهو ما يعطي إسرائيل ذريعة لاستمرار اعتداءاتها على لبنان. 

الوضع في لبنان غير واضح، فالحكومة اللبنانية تصر على حصرية السلاح بيد الدولة، فيما يرفض حزب الله تسليم سلاحه، ما يجعل المشهد السياسي والأمني غامضا ومعقدا للغاية.

ماذا عن حديث حزب الله بأن إسرائيل تسيطر على خمس تلال في الجنوب اللبناني٬ وعليها أن ينسحب أولا؟ كيف ترى مسألة "الدجاج أولا أم البيضة" في نزع السلاح؟

لبنان مقسم حاليا إلى فريقين فريق يدعم حزب الله وفريق يعارض استمرار سلاحه. حزب الله يرفض تسليم سلاحه إلا بعد انسحاب إسرائيل من التلال المحتلة، والحكومة اللبنانية تسعى لمعالجة الموضوع بطريقة دبلوماسية لتجنب حرب أهلية جديدة. أي محاولة للجيش اللبناني لمصادرة السلاح بالقوة قد تؤدي إلى صراع داخلي كبير، لذلك تتجه الحكومة إلى الحلول الدبلوماسية والهادئة.

كيف تقرأ تهديدات نتنياهو حول التدخل المباشر إذا لم تنجح الحكومة اللبنانية في حصر سلاح الحزب؟
هذه التصريحات خطيرة جدا، فهي لا تهدد حزب الله فحسب، بل تهدد الاستقرار اللبناني ككل. نتنياهو يسعى لإبقاء السلاح لدى الحزب ليظهر كما لو أن لبنان غير قادر على السيطرة على حدوده، وهذا يعزز موقفه أمام الرأي العام الإسرائيلي باعتباره المدافع عن الأمن القومي.

اظهار أخبار متعلقة


المبعوث الأمريكي طلب من الحكومة اللبنانية التفاوض غير المباشر مع إسرائيل، هل هذا ممكن؟
لبنان فاوض إسرائيل بطرق غير مباشرة سابقا، عبر لجان تفاهم عسكرية مثل لجنة نيسان/أبريل (1989-1991)، التي عقدت اجتماعات بين لبنان وإسرائيل بحضور أمريكي وفرنسي وسوري. لكن التفاوض المباشر بين الرئيس اللبناني ونتنياهو مستحيل حاليا، خصوصا أن لبنان لا يزال في حالة حرب مع إسرائيل، ويتمسك باتفاقية الهدنة لعام 1949. الحلول الممكنة حاليا تبقى ضمن إطار المفاوضات غير المباشرة، إذا وافق الرئيس عون على ذلك.

ما هو الضمان الذي يمنع إسرائيل من خرق أي اتفاق مستقبلي؟
الواقع أن نتنياهو لا يريد إيقاف الحرب. إسرائيل مستمرة بقصف الجنوب اللبناني رغم الاتفاقات الدولية، مستهدفة مواقع يفترض أنها خالية من حزب الله، كما أن الطيران والمراقبة الإسرائيلية مستمران بشكل يومي. الأولوية الإسرائيلية هي استمرار الحرب، ولا يهمها التوصل لاتفاقات طويلة الأمد في لبنان، كما يظهر في قطاع غزة وسوريا.

هل يكمن للدبلوماسية أن تحقق لبيروت ما فشلت به عسكريا؟
من الناحية العسكرية، حزب الله لم يحقق انتصارات كبيرة ضد إسرائيل، بينما دمرت إسرائيل مناطق واسعة في الجنوب ولا تزال تحتل خمس تلال. الحلول الدبلوماسية الممكنة حاليا تقتصر على المفاوضات غير المباشرة، إذا قرر الرئيس عون ذلك، لكن إسرائيل لا تظهر أي رغبة في وقف خروقاتها.

في الفترة الماضية كانت هناك زيارة لمدير المخابرات المصرية٬ هل يمكن للقاهرة أن تلعب دورا في تهدئة الوضع؟
نعم، مصر أبدت استعدادها للوساطة، وقد تواصلت مع المسؤولين اللبنانيين بشكل واضح، ونأمل أن تتمكن من ممارسة ضغوط على إسرائيل لتقليل الاعتداءات وحماية المنشآت اللبنانية. نرى في مصر قدرة على لعب دور دبلوماسي مهم، إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا.

الوضع في الجنوب اللبناني ما يزال معقدا وخطيرا للغاية. الحلول المتاحة حاليا تقتصر على الضغط الدبلوماسي والتفاوض غير المباشر، وذلك لتجنب أي انفجار أمني أو اندلاع حرب أهلية جديدة. في الوقت نفسه، يجب الاعتماد على الدعم الإقليمي والدولي لحماية لبنان وشعبه وضمان استقراره.
التعليقات (0)

خبر عاجل