كتاب عربي 21

أصوات في "العدالة والتنمية" تدعم "قسد"

إسماعيل ياشا
"قسد ستواصل اللعبة والمراوغة من أجل كسب الوقت وترسيخ الوضع القائم كأمر واقع"- جيتي
"قسد ستواصل اللعبة والمراوغة من أجل كسب الوقت وترسيخ الوضع القائم كأمر واقع"- جيتي
شارك الخبر
لم يبق لانتهاء المهلة التي تم تحديدها لتطبيق اتفاق العاشر من آذار/ مارس إلا أقل من شهر، ولكن قوات سوريا الديمقراطية "قسد" حتى الآن لم تطبق الاتفاق الذي وقع عليه قائدها مظلوم عبدي، مع الرئيس السوري أحمد الشرع. ومن غير المتوقع أن يلتزم الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني بالمهلة المحددة وأن يطبق الاتفاق فيما بقي من أيام في عام 2025، بل سيواصل مناوراته للمماطلة والتهرب من تطبيق الاتفاق، كما تشير إليه تصريحات عبدي الأخيرة.

قائد "قسد" يقول إنهم ملتزمون باتفاق 10 آذار/ مارس، ولكنه يفسره كما يحلو له، ويصفه بأنه حجر الأساس لسوريا "ديمقراطية لا مركزية"، أي فيدرالية. وفي حديثه لصحيفة إسرائيلية، ادعى بأن لديهم 100 ألف جندي وشرطي في شمال شرق سوريا، كما ادعى بأنهم اتفقوا على إبقاء ثلاث فرق من "قسد" وكتيبتين خاصتين، إحداهما تتولى حماية الحدود والأخرى هي الكتيبة النسائية. ويرى مظلوم عبدي أنه ليست هناك مهلة محددة لتطبيق اتفاق 10 آذار/ مارس، ما يعني أن "قسد" ستواصل اللعبة والمراوغة من أجل كسب الوقت وترسيخ الوضع القائم كأمر واقع.

الأطراف الداعمة لأهداف "قسد" الانفصالية هي الأخرى تحاول أن تساعد الفرع السوري للتنظيم الإرهابي في التهرب من تطبيق اتفاق 10 آذار/ مارس، كما تسعى، من خلال بث الإشاعات والأنباء المضللة، إلى ضرب التفاهم بين دمشق وأنقرة بشأن الحفاظ على وحدة تراب سوريا

الأطراف الداعمة لأهداف "قسد" الانفصالية هي الأخرى تحاول أن تساعد الفرع السوري للتنظيم الإرهابي في التهرب من تطبيق اتفاق 10 آذار/ مارس، كما تسعى، من خلال بث الإشاعات والأنباء المضللة، إلى ضرب التفاهم بين دمشق وأنقرة بشأن الحفاظ على وحدة تراب سوريا. وفي هذا الإطار، زعم رئيس المعهد الأوروبي لدراسات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عادل باخوان، أن رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، سيستقبل قائد "قسد" في أقرب وقت، إلا أن هذا الادعاء تم نفيه جملة وتفصيلا من قبل دائرة الاتصال التابعة لرئاسة الجمهورية التركية.

اللافت في الأمر هو وجود أصوات داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم تدعم توجهات "قسد"، وتشجع مثل هذه اللقاءات، مثل النائب السابق عن محافظة ماردين أورهان ميروغلو. وفي تعليقه على تصريحات مظلوم عبدي للصحيفة الإسرائيلية، لفت إلى الأرقام التي ذكرها هذا الأخير حول عدد جنود "قسد"، وقال إن التاريخ والشعب لن يغفرا لهؤلاء الذين يسعون إلى منح تركيا "فيتنامها"، في إشارة إلى أن الجيش التركي سينهزم في حال قام بعملية عسكرية ضد "قسد" كما فشلت القوات الأمريكية في فيتنام، حسب رأيه.

الأرقام التي ذكرها مظلوم عبدي مبالغ فيها، كما أن الادعاء بأن قيام تركيا بعملية عسكرية ضد الفرع السوري للتنظيم الإرهابي سيحوِّل الأراضي السورية إلى مستنقع يستنزف قواته، سبق أن تم ترويجه من قبل حزب العمال الكردستاني قبل كل عملية عسكرية قام بها الجيش التركي في شمال سوريا، إلا أن عناصر التنظيم الإرهابي لم يستطيعوا أن يظهروا أي مقاومة تذكر أمام القوات التركية خلال تلك العمليات. وبالتالي، لا يتعدى تحذير النائب السابق كونه محاولة رخيصة لتضخيم قوة "قسد"، ومنع الجيش التركي من القيام بعملية عسكرية جديدة بالتعاون والتنسيق مع الجيش السوري لتطهير شمال شرقي سوريا من الإرهابيين.

حزب العمال الكردستاني الذي ينشط حاليا تحت مسمى "قسد" لم يكن يوما من الأيام جزءا من ثورة الشعب السوري، بل تعاون مع قوات النظام وشبيحته لقمع الثورة، وقتل عددا كبيرا من الثوار. وما زالت المشاهد التي أظهرت جثث الثوار المحملة على شاحنة جابت شوارع عفرين، عالقة في الأذهان. وفي الوقت الذي يحتفل فيه الشعب السوري، هذه الأيام، بالذكرى الاولى لانتصار ثورته المجيدة، تمنع "قسد" في المناطق التي تحتلها أي فعالية للاحتفال بذكرى ذاك الانتصار. ومن المفترض، في ظل هذه الحقائق التي يعرفها القاصي والداني،
السياسة الخارجية التركية ومواقف أنقرة من الملفات الإقليمية ترسمها عقلانية الخبراء وواقعيتهم، وليس فنتازيا نواب سابقين وأحلامهم
أن تتم محاسبة "قسد" على الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب السوري، وليس دمجها في الجيش السوري كجيش داخل الجيش، لتشكل سكينا في ظهر الثورة ووحدة سوريا، وتمهد طريقا للانقلاب والانفصال.

النائب السابق عن محافظتي أديامان وإسطنبول، مهمت متينار، في حديثه لشبكة رووداو الإعلامية قبل أسبوعين، ادعى بأن تركيا لن ترى "قسد" تهديدا لها إن تحولت هذه الأخيرة إلى "قوات صديقة لتركيا" كقوات كردستان العراق. وينتقد في تصريحاته عبر منصة إكس ما يصفه بـ"محاولات تحريض تركيا ضد قسد". ويقول إن عدم الثقة بين الأطراف المختلفة في سوريا بلغ ذروته، مضيفا أن سيطرة "هيئة تحرير الشام" وحدها على سوريا يعزز عدم الثقة. كما دعا، في برنامج تلفزيوني، إلى تحويل "قسد" إلى "قوة تركيا"، مضيفا أن مظلوم عبدي قد يصبح وزير الدفاع في سوريا.

السياسة الخارجية التركية ومواقف أنقرة من الملفات الإقليمية ترسمها عقلانية الخبراء وواقعيتهم، وليس فنتازيا نواب سابقين وأحلامهم. وتؤكد مصادر تركية أمنية رفض أنقرة انضمام أي مسؤول كبير لـ"قسد" إلى الحكومة السورية، وتشدد على ضرورة حل التنظيم نفسه لينضم عناصره إلى القوات السورية كأفراد وليس كتلة واحدة. وتقول إن الشيء الوحيد الذي يجب فعله في حال لم تلتزم "قسد" باتفاق 10 آذار/ مارس هو قيام الجيش السوري بعملية عسكرية ضد "قسد" بدعم الجيش التركي.

x.com/ismail_yasa
التعليقات (0)

خبر عاجل