سياسة عربية

إسلامي مغربي: الرد الإيراني وضع الكيان في ورطة وغيّر معادلات الصراع

رد إيران كان بمثابة إعلان عن تحولها إلى قوة عسكرية إقليمية ذات قدرة على فرض توازن ردع حقيقي.. الأناضول
قال محمد الحمداوي، القيادي في جماعة العدل والإحسان المغربية، إن الرد العسكري الإيراني الأخير على الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق "أعاد رسم معادلات الردع في المنطقة"، ووضع الكيان الإسرائيلي في "ورطة متعددة الأبعاد"، سياسيًا وأمنيًا واستراتيجيًا.

وفي تحليل مطوّل خص به وسائل إعلام، أشار الحمداوي إلى أن الهجوم الإيراني الذي نُفذ بأكثر من 200 صاروخ وعشرات المسيّرات "تجاوز كل الأعراف التقليدية"، موضحًا أن "الرد لم يأتِ عبر الحلفاء الإقليميين كما جرت العادة، بل مباشرة من داخل إيران، وهو ما أربك الكيان الصهيوني وكسر قواعد الاشتباك القديمة".

تحول استراتيجي في ميزان الردع

وأضاف الحمداوي أن "الرد الإيراني شكل نقلة نوعية في توازن الرعب"، مشيرًا إلى أن "القبة الحديدية، رغم تطورها، لم تتمكن من التصدي الكامل لهذا الهجوم، مما كشف هشاشة الجبهة الداخلية الإسرائيلية".

وقال: "الكيان وجد نفسه عاجزًا عن التحكم في المبادرة، وأُجبر على التراجع إلى موقع دفاعي لم يعهده منذ سنوات".

تداعيات على المشهد الإقليمي

وفيما اعتبره "أحد أكبر الإحراجات السياسية لحلفاء إسرائيل"، أشار الحمداوي إلى أن "الرد الإيراني السريع والمباشر أحبط المخططات التي كانت تراهن على تفوق إسرائيل الاستراتيجي، ووضع الإدارة الأمريكية في وضع صعب، حيث لم تعد قادرة على تأييد مطلق للكيان دون تعريض المنطقة لانفجار شامل".

وأضاف أن "رد إيران كان بمثابة إعلان عن تحولها إلى قوة عسكرية إقليمية ذات قدرة على فرض توازن ردع حقيقي"، مشددًا على أن "رسالة طهران كانت واضحة: أي اعتداء على الأراضي الإيرانية سيُقابل برد مباشر، مؤلم، ومكلف".

سيناريوهات قادمة مفتوحة على كل الاحتمالات

وتحدث الحمداوي عن ثلاثة سيناريوهات محتملة للأيام القادمة: تهدئة مؤقتة عبر وساطات دولية، تصعيد تدريجي بضربات متبادلة، أو انزلاق نحو مواجهة شاملة، مشيرًا إلى أن السيناريو الثالث، رغم ضعفه، "يظل واردًا في حال أخطأ أحد الطرفين التقدير أو قام بتحرك غير محسوب".

وأكد أن "المواجهة المباشرة بين إيران والكيان الصهيوني عززت الثقة في قدرة محور المقاومة على الرد والتأثير، وأظهرت أن معركة غزة ليست معزولة، بل تحظى بدعم استراتيجي إقليمي مباشر أو غير مباشر".

رسالة للحكام المطبعين

وختم الحمداوي تصريحه برسالة إلى الأنظمة العربية المطبعة، قائلاً: "من سارعوا إلى التحالف مع الكيان الصهيوني تحت وهم القوة والتفوق، باتوا اليوم أمام كيان مهزوز، مأزوم داخليًا، ومحصور في زاوية رد الفعل. هذه اللحظة فرصة للأمة لإعادة البوصلة نحو الوحدة، والكرامة، وخيار المقاومة الحقيقي".



وبدأت إسرائيل فجر الجمعة، بدعم ضمني من الولايات المتحدة، هجوما واسعا على إيران بعشرات المقاتلات، أسمته "الأسد الصاعد"، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين.

وقال الجيش الإسرائيلي إن الهجوم "استباقي" وجاء بتوجيهات من المستوى السياسي، فيما أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن العملية "غير المسبوقة" تهدف إلى "ضرب البنية التحتية النووية الإيرانية، ومصانع الصواريخ الباليستية، والعديد من القدرات العسكرية الأخرى".

وفي مساء اليوم نفسه، بدأت إيران الرد على الهجوم بسلسلة من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيّرة، بلغ عدد موجاتها حتى الآن ستة، ما أدى – بحسب وسائل إعلام عبرية – إلى مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة 172 آخرين بجروح متفاوتة، فضلا عن أضرار مادية كبيرة طالت مباني ومركبات.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن "حدث خطير جدا" في تل أبيب، عقب قصف إيراني استهدف موقعا استراتيجيا، دون الكشف عن تفاصيل إضافية بسبب الرقابة العسكرية الصارمة وتعليمات التعتيم المفروضة من قبل الجيش.

والهجوم الإسرائيلي الحالي على إيران يعد الأوسع من نوعه، ويمثل انتقالا واضحا من "حرب الظل" التي كانت تديرها تل أبيب ضد طهران عبر التفجيرات والاغتيالات، إلى صراع عسكري مفتوح يتجاوز ما شهده الشرق الأوسط منذ سنوات.