أكدت الحكومة النيجيرية رفضها القاطع لتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب بالتدخل العسكري في البلاد، على خلفية مزاعم بوقوع "عمليات قتل تستهدف
المسيحيين"، مشددة على أن دستور
نيجيريا لا يقر الاضطهاد الديني بأي شكل، وأن البلاد قائمة على سيادة القانون والمواطنة المتساوية.
وخلال مؤتمر صحفي مشترك في برلين الثلاثاء٬ مع نظيره الألماني يوهان فاديفول، قال وزير الخارجية النيجيري يوسف
توغار إن "من المستحيل أن تدعم حكومة نيجيريا أي اضطهاد ديني بأي طريقة أو شكل وعلى أي مستوى كان"، مؤكدا التزام بلاده "بحماية الحرية الدينية لجميع المواطنين".
وأضاف توغار: "نحن نحترم أصدقاءنا في الولايات المتحدة، لكن ما تحتاجه نيجيريا هو الدعم في التنمية والتعليم وتوفير فرص العمل، لا التهديد باستخدام القوة"، مشيرا إلى أن بلاده ترحب بالمساعدة الدولية في مكافحة الإرهاب، لكنها ترفض أي تدخل عسكري أجنبي يمس سيادتها أو وحدة أراضيها.
وحذر الوزير النيجيري من محاولات تقسيم البلاد على أسس دينية، قائلا: "ما نحاول توضيحه للعالم هو أنه لا ينبغي لنا أن نخلق سودانا آخر. رأينا ما حدث في السودان حين جرى التحريض على تقسيمه على أساس الدين أو الانتماءات القبلية، ويمكن للجميع رؤية الأزمة المستمرة حتى بعد التقسيم".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد هدد، السبت الماضي، بأن قوات بلاده "قد تتدخل بكل قوة إذا استمرت الحكومة النيجيرية في السماح بقتل المسيحيين"، مضيفا أن واشنطن "قد توقف فورا جميع المساعدات والمعونات الموجهة إلى نيجيريا".
وفي منشور عبر منصته "تروث سوشيال"، قال ترامب إن "أمريكا ربما تتوجه إلى نيجيريا بالقوة للقضاء على الإرهابيين الإسلاميين الذين يرتكبون هذه الفظائع"، مشيراً إلى أنه أصدر تعليماته لـ"وزارة الحرب بالاستعداد لأي عملية محتملة"، على حد تعبيره.
لكن تقارير ميدانية وأمنية شككت في دقة مزاعم ترامب، إذ أفادت منظمة "مشروع بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة (ACLED)" بأن أكثر من 20 ألف و400 مدني قتلوا في نيجيريا بين كانون الثاني/يناير 2020 وأيلول/سبتمبر الماضي، من بينهم 317 ضحية في هجمات استهدفت المسيحيين، مقابل 417 ضحية في هجمات استهدفت المسلمين.
وأوضح نامدي أوباسي، المستشار البارز في "مجموعة الأزمات الدولية"، لشبكة "سي أن أن"، أن الجماعات المتطرفة في شمال شرق نيجيريا "تسببت في معاناة كل من المسيحيين والمسلمين"، بينما "عانت المجتمعات الزراعية ذات الأغلبية المسيحية في الشمال الأوسط من عنف الجماعات المسلحة"، في حين "تعرضت القرى ذات الأغلبية المسلمة في الشمال الغربي لهجمات متكررة من عصابات قطاع الطرق".
وأضاف أوباسي أن "التقارير عن اضطهاد واسع للمسيحيين مبالغ فيها، وغالبا ما تساء فهم طبيعة الصراع الديني والإثني المعقد في البلاد"، مشددا على أن "المجتمعات المسلمة والمسيحية تعيش في معظم المناطق بسلام وتعاون".
ويبلغ عدد سكان نيجيريا نحو 232 مليون نسمة، تضم حوالي 250 مجموعة عرقية، وتنقسم بين شمال ذي أغلبية مسلمة وجنوب ذي أغلبية مسيحية. وقد شهدت البلاد خلال السنوات الأخيرة موجات عنف متكررة بسبب نشاط جماعات مثل بوكو حرام وتنظيم داعش – ولاية غرب أفريقيا، إضافة إلى نزاعات بين الرعاة والمزارعين حول المياه والمراعي في المناطق الوسطى.