صحافة إسرائيلية

تقدير إسرائيلي: سياسة الفوضى التي تتبعها حكومة نتنياهو ستؤدي إلى تدويل الضفة

أقر الرئيس الأمريكي ترامب أن "إسرائيل" خسرت الكثير من الدعم العالمي بسبب نتنياهو - جيتي
ما زالت التحذيرات الإسرائيلية تصدر تباعاً من الفوضى الأمنية التي يفتعلها عتاة المستوطنين في الضفة الغربية، ويصفها الإسرائيليون بأنها "بذرة الكارثة" التي تهيئ الأجواء لنشوء كارثة استراتيجية غير مسبوقة، في ظل غياب الحكم الرشيد عن دولة الاحتلال، وتواطؤها مع المستوطنين، وضعف الشرطة، وكلها إشارات للعالم بأن الدولة فقدت السيطرة، وأنها غير قادرة على إدارة شؤونها الخاصة.

الجنرال يسرائيل زيف القائد الأسبق لشعبة التخطيط في الجيش، ذكر أن "الاحتلال مُنِي مؤخرًا بأكبر هزيمة سياسية في تاريخها، فالزيارات المستمرة للزعماء العرب لواشنطن منذ اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، والعلاقات الوثيقة بين الرئيسين دونالد ترامب وطيب أردوغان، واستقباله للرئيس السوري أحمد الشرع، وتبني مجلس الأمن لمقترح إقامة دولة فلسطينية، وأخيرًا الزيارة الملكية لمحمد بن سلمان، للبيت الأبيض، كل هذا سيغير بشكل جذري وغير مسبوق، ميزان القوى في الشرق الأوسط على حساب الاحتلال".

وأضاف في مقال نشرته القناة 12 العبرية، وترجمته "عربي21" أن "هذا التغيير المتوقع تزامن مع إعلان ترامب عن تبني السعودية كشريك متساوٍ لدولة الاحتلال، والتزامه بتعزيز قوتها العسكرية بطريقة مساوية لها، دون انضمامها في المقابل لاتفاقيات التطبيع، كما يشمل التغيير الجذري قبلها اتفاقية الدفاع الممنوحة لقطر، وفتح الباب أمام أردوغان كقائد للنظام الجديد في سوريا، وتدويل قطاع غزة، ودعم سوريا".

وأوضح أن "جميع الأسلحة الممنوحة، بما فيها طائرات إف-35 للجيشين التركي والسعودي، إضافة للأسلحة النووية المدنية والأنظمة المتطورة، وأخيرًا قرار إقامة دولة فلسطينية، كلها لا نفوذ لدولة الاحتلال عليها، تُشكل انقلابًا استراتيجيًا إقليميًا غير مسبوق من وجهة نظرها، ومن كان يُفترض به حتى وقت قريب أن يقود التحالف الإقليمي اختار "النصر الكامل" الذي تحول إلى فشل ذريع، ودُفع خارج كواليس المشهد الإقليمي، وهذا ليس سوى انهيار سياسي وفشل مُخزٍ في أبعاده ومعانيه".

وأكد أن "رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يُرسل التحيات باللغة الإنجليزية، منفصل عما يحدث أمام عينيه، أو أن ضعفه يُعيقه وهو عاجز تمامًا، وتستيقظ الدولة على أجندة إقليمية أمريكية جديدة، يبنيها الأمريكيون وفقًا لمصالحهم الاقتصادية والمالية، ويصعب لومهم في مواجهة الأموال الطائلة التي تقف أمامهم في نادي التريليونات، لكن على دولة الاحتلال أن تُدرك أن ما لم يعد موجودًا فحسب، لن يعود، وبلغ تراجع شعبيتها بين الجمهور الأمريكي أدنى مستوياته؛ ولن ينسى الحزب الديمقراطي الطعنة التي تلقاها من نتنياهو".

وأكد أن "الخريطة واضحة، فالوضع الذي وصلنا إليه نتيجة مباشرة لسلطة رئيس الوزراء المُتغطرسة والمُستمرة، وبلغت ذروتها في الهجوم على الدوحة، والازدراء الواضح للعالم العربي والجيران المباشرين، والتباهي غير المسؤول لوزراء الحكومة، والسلوك المتهور في الضفة الغربية، مما يدل على عجز تام، كل هذا أدى لوضعٍ أصبح فيه نتنياهو وحكومته "شخصًا غير مرغوب فيهم بين قادة دول المنطقة، الذين لا يرغبون بأي اتصالٍ به، بل ويرغبون في إذلاله بشكلٍ واضح".

وأشار أن "ابن سلمان لا ينوي بأي حالٍ من الأحوال مصافحة نتنياهو، أو توقيع اتفاقٍ معه، أو الظهور بجانبه بأي شكلٍ من الأشكال، لا هو ولا أي زعيمٍ عربيٍّ آخر، وبالتالي فإن القرارَ الشاملَ في الأمم المتحدة بشأن إقامة دولةٍ فلسطينية، بعد أن "وعدت" الحكومة اليمينية ناخبيها حتى وقتٍ قريب بضم الضفة الغربية وغزة، ليس فقط دفنًا عميقًا لوهمٍ سياسيٍّ دفعنا ثمنه على حساب الجنود في حربٍ طالت عمدًا، بل دفن معه أيضًا كاملَ أطروحة نتنياهو السياسية على مدار العقد والنصف الماضيين".

وأضاف أن "هذه التطورات السياسية المتلاحقة أثبتت انهيار البيت الورقي الذي أنشأه نتنياهو، ورؤية الأوهام التي بناها، ودمرها بيديه، مما كلّف الدولة خسارة سنوات ثمينة للغاية كان يمكن أن تضع الدولة في مكانة سياسية وإقليمية مختلفة تمامًا، ولذلك من المستحيل تخيل التكاليف والخسائر البديلة للوهم السياسي لعقد ونصف، والذي أصبح، بعد حرب طويلة وغير ضرورية، أكبر فشل وطني في تاريخ الدولة".

وأوضح أن "هجمات الجيش المتزايدة في غزة ولبنان تمنع تعافي حزب الله وحماس، لكنها تعكس الإحباط من الوضع، ومركزة بطريقة دقيقة تدمر الآفاق السياسية في المكانين، وفي هذه الأثناء، تُعدّ فوضى المستوطنين في الضفة الغربية ثمرة هذه الجرائم، ونتيجة مباشرة لغياب الحكم الرشيد لحكومة زرع أعضاؤها بذور الكارثة، وأضعفوا أجهزة الأمن، والشرطة، والشاباك، والجيش، التي يُفكّكها تآكل الحرب الطويل من الداخل بشكلٍ اعتيادي، مما قد يؤدي في نهاية المطاف لمطالبة عربية أخرى بتدويل الضفة الغربية، تمامًا كما حدث في غزة".