زادت حكومة الاحتلال الميزانية الخاصة بمعركة الوعي، وتسويق الدعاية
الإعلامية، والترويج لرواية تل أبيب حول العالم، إلا أن التحديات الإسرائيلية في مجال
التوعية لا تنبع بالضرورة من نقص الميزانية، بل من الفوضى، وضعف التنظيم، وغياب
سياسة توعية.
غادي
عيزرا الخبير في مجال الدعاية والتسويق، كشف أن "وزيري الخارجية والمالية أعلنا
عن ميزانية قدرها 2.35 مليار شيكل لـ"حملة التوعية والترويج لإسرائيل
عالميًا"، وسيُخصص مليار شيكل منها للخدمات أو المشاريع التي ستُنفذ في
السنوات التالية، وتكشف هذه الخطوة مدى أهميتها على مستوى الدولة، وقد تعد إنجازا
لوزير الخارجية نفسه، جدعون ساعر، الذي خصص لعامين متتاليين ميزانية كبيرة لمكتبه
لأنشطة التوعية".
وأضاف
في مقال نشرته
صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته "
عربي21" أن "أي شخص يتساءل عن توقيت إعلان هذه الخطوة، بعد
أكثر من عامين من بدء الحرب، مع العلم أن معركة الدعاية والرواية مستمرة دائمًا،
ورافقت الاسرائيليين منذ بداية إعلان الدولة، وسوف تستمر في مرافقتهم لعقود قادمة،
وبهذا المعنى، فأن تأتي متأخرة أفضل من ألا تأتي أبدًا، لكن المسألة هنا مختلفة،
وهي الوهم بأن المشاكل الاسرائيلية في الميدان تبدأ وتنتهي بالمال الفاسد".
وأوضح
أن "المال مهم، لكنه لا يكفي بمفرده، لأن التحديات الإسرائيلية في عوالم
الوعي لا تنبع بالضرورة من نقص الميزانية، بل ناجمة عن الفوضى، ونقص التنظيم،
وحقيقة أن إسرائيل ليس لديها سياسة وعي قومية، سياسة من شأنها أن تحدد كيفية
استخدام مجال الوعي لتحقيق ما يريده المستوى السياسي، وقد يكون هذا تعزيز العلاقات
مع الجيل الشاب في الولايات المتحدة، أو دق إسفين بين حزب الله والحكومة
اللبنانية، أو التطبيع مع دول الخليج".
وأشار
أن "المؤسسات الإعلامية والجهات الدبلوماسية الإسرائيلية تتحدث بأصوات مختلفة،
ولجمهور إسرائيلي مختلف، دون تنسيق أو خدمة هدف قومي بمنطق واضح، وهذه أمور لا
يمكن شراؤها بكل أموال الدنيا، لأن نتيجة ذلك أنه لا يوجد حتى الآن كيان واحد في الدولة
يوحد عمل جميع الوزارات والهيئات العاملة في الميدان، كيان من شأنه أن يضمن أن
تتحدث وزارة الخارجية، والمتحدث باسم الجيش، ووزارة الشتات، بصوت موحد وواضح
ومتسق، وفي التوقيت المناسب، وفقًا لرواية صحيحة للدولة بأكملها، وليس لواحدة منها
فقط".
وأضاف
أنه "من الضروري أن نفهم أن هذا ليس ترفًا، لكن في غياب هيئة ذات سلطة تملي
"استخدام القوة" على جميع الهيئات الإعلامية والدعائية، فيما يتعلق
بجميع الجماهير المستهدفة في الدولة، ليس ممكنًا فقط ألا يتم استخدام هذه
الميزانية السخية بالكامل، بل من المرجح أيضًا أن تذهب لأماكن خاطئة، لأن الحملات
الإعلامية الدعائية أداة، وليست هدفًا، وعندما لا تتضح كيفية خدمة أهداف المستوى
السياسي العام، فالتوعية وسيلة، وليست غاية في حدّ ذاتها، مما يسهل الوصول لسلوكيات
وتقارير متناقضة بين المنظمات العاملة".
وأكد
أن "الأسوأ من ذلك، أنه في غياب رؤية قومية شاملة، حتى بناء القوة، أي
المشاريع الكبرى، والبنى التحتية، وبناء القدرات في مجال التوعية، سيُصمّم بطريقة
تخدم بشكل أساسي جهات معينة، وليس بالضرورة النظام السياسي الإسرائيلي بأكمله، لأن
التغيير في مجال التوعية يبدأ بشيء لا يتطلب دائمًا المال، لكنه يتطلب استثمارًا
كبيرًا، وإدارة فعّالة، وهذا ليس أمرًا يمكن تحقيقه بوزارة الخارجية وحدها،
بكوادرها فقط".