أعلن "
المجلس الانتقالي الجنوبي"
اليمني إطلاق عملية عسكرية بزعم تأمين محافظة أبين تحت ستار "محاربة الإرهاب" وتنظيم القاعدة.
ما اللافت في الأمر؟
بدأت في الأيام الأخيرة تخرج قوات المجلس الانتقالي الجنوبي عن الاتفاق مع باقي المكونات السياسية في اليمن، وتمددت عسكريا خارج إطار "الشرعية" وسط رفض لمبادرة سعودية-إماراتية لسحب القوات من المناطق التي دخلتها حديثا، وبدأت تسيطر بالقوة على المحافظات التي ينادي المجلس باستقلالها في "دولة الجنوب العربي".
الوضع الراهن
أكد المجلس الانتقالي تمسكه بالسيطرة على محافظات حضرموت والمهرة وشبوة شرقي البلاد، ويتجه الآن إلى أبين، وكانت قواته أيضا دخلت العاصمة المؤقتة عدن، فيما غادر رئيس المجلس الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، قصر معاشيق الرئاسي إلى
السعودية، وانسحبت من محيطه القوات السعودية والسودانية، بعد مضايقات من قوات المجلس الانتقالي التي تسلمت المنطقة.
محطات في تاريخ "دولة الجنوب"
◼ خرج آخر جندي للاستعمار البريطاني من "مستعمرة عدن" عام 1967 ما أسفر عن قيام "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية"، فيما كان الشمال المسمى "الجمهورية العربية اليمنية" لا يزال يعيش صراعا داخليا على الشكل السياسي في الجمهورية الحديثة بعد انتهاء "حكم الإمامة" بقيام "ثورة سبتمبر".
◼ بعد خروج القوات البريطانية سيطرت الجبهة القومية على السلطة، وكانت مزيجا من تحالف واسع، شهد "حركة تصحيحية" منحت
الماركسيين النفوذ الأكبر على حساب القوميين وأصبحت الدولة رسميا "اشتراكية" باسم "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية".
◼ في عام 1970 بدأت ملامح الوحدة تلوح بين البلدين وجرى اتفاق في تعز على قيام اتحاد فيدرالي يمني، ما لبث حتى تحول إلى نزاع عسكري في 1972 بين قوات الشمال والجنوب انتهى باتفاق على الدخول في تفاوض حول الوحدة.
◼ في عام 1972 اجتمع الفرقاء في القاهرة مع لجنة من جامعة الدول العربية لتسوية الخلافات، ووقعوا "اتفاق القاهرة" لتوحيد اليمن.
◼ في عام 1972 جرت قمة يمنية في مدينة طرابلس الليبية، بحضور الزعيم الليبي آنذاك معمر القذافي استكمالا لاتفاق القاهرة، وجرى توقيع "بيان طرابلس".
◼ في عام 1974 دخل اليمن الشمالي في عدد من المشاكل السياسية والانقلابات وعمليات الاغتيال لقيادات جنوبية وشمالية تطورت إلى حرب عسكرية في 1979 انتهت بتوقيع "إعلان الكويت" لتطبيع مخرجات اتفاق القاهرة وبيان طرابلس.
◼ في عام 1979 بدأت أولى ملامح الاقتراب من الوحدة بعد استكمال لجان الإعداد لدستور الدولة الموحدة، وبدء بلورة سياسية يمنية مشتركة تفضي إلى رسم موقف موحد بما يتعلق بالسياسات الخارجية.
◼ بين الأعوام 1980 - 1985 وقع الشمال والجنوب عددا من الاتفاقيات الاقتصادية، والثقافية، والأمنية، والانتهاء من الدستور الموحد، وتخلل العلاقات اشتباكات قبلية متفرقة.
◼ بين الأعوام 1986 - 1988 شهدت الجنوب تصفيات، واغتيالات دموية داخل الحزب الاشتراكي الحاكم، ودخل اليمن الشمالي في قتال قبلي، ما زاد قناعة قادة الطرفين بضرورة الوحدة.
◼ في أيار/ مايو 1990 أعلنت الوحدة رسمية، وتوجه رئيس اليمن الموحد
علي عبدالله صالح إلى عدن ورفع علم الوحدة فيها، وأصبح رئيس الجنوبي، علي سالم البيض نائبا لرئيس الجمهورية.
◼ بدأ انهيار الوحدة اليمنية في عام 1994 باندلاع صراع عسكري في محافظة عمران بين لوائين مدرعين أحدهما شمالي والآخر جنوبي لتندلع في العام نفسه حرب أهلية بين الشمال والجنوب، قادها الرئيس من جهة، ونائبه من جهة أخرى، رجحت كفتها لصالح الشمال، ليعلن البيض تراجعه عن الوحدة من طرف واحد.
◼ تبع الحرب الأهلية شعور بالخسارة في الجنوب، واتهامات للشمال بتهميش شعب الجنوب وقياداته، وصولا إلى عام 2017 حيث تشكل "المجلس الانتقالي الجنوبي" رسميا للمطالبة بالانفصال.
ما هو المجلس الانتقالي؟
يعرف المجلس نفسه بأنه "كيان وطني قيادي انتقالي للجنوب بحدود ما قبل 22/مايو 1990" ويستند في ذلك إلى قرار تشكيله من قبل عيدروس قاسم عبدالعزيز الزُبيدي المفوّض شعبيا بمقتضيات إعلان عدن في 2017.
عودة إلى الاشتراكية؟
كانت دولة الجنوب منذ تأسيسها دولة اشتراكية - الوحيدة في شبه الجزيرة العربية - وسيطر على القيادة فيها الحزب الاشتراكي اليمني، لكن المجلس الانتقالي ينفي أن يكون حزبا، أو مكونا سياسيا فئويا، أو نخبويا، ويعرف نفسه بأنه "إطار قيادي وطني ينظم وينسق قوى وإمكانيات شعب الجنوب لتحقيق أهدافه وتطلعاته".
هل يعتمد القوة لتحقيق الانفصال؟
نعم، يعتمد المجلس الانتقالي على ما يسميها "المقاومة الجنوبية" إلى جانب الحراك السلمي، لتحقيق هدف الانفصال عن اليمن.
إلى متى؟
يرى المجلس أن مهمته محددة بقيادة شعب الجنوب وصولا إلى "التحرر الوطني" وصولاً إلى تشكيل مؤسسات دولته الوطنية المستقلة، وتنتهي مهمته عند ذلك، وينحل كيانه المؤسسي بصفته تلك، وعلى رموزه لاحقا إعادة تنظيم أنفسهم وفق أي أطر سياسية طبقاً لدستور وقوانين الدولة المأمولة.
ماذا ننتظر؟
يفرض المجلس الانتقالي حاليا نفسه كأمر واقع في المحافظات التي تتمركز فيها قواته، وهي محافظات كانت ضمن دولة الجنوب سابقا، ولا يعرف أحد وجهته المقبلة وإن كان سيتمدد أيضا في محافظات "الشمال" أم لا.