سياسة دولية

ماذا تعرف عن "رجل مانهاتن" في أبوظبي؟.. مفتاح صفقات ترامب

"إيدلمان" كان مفتاح صفقات ترامب في الإمارات- يوتيوب
في قلب دوائر صنع القرار العليا للعائلة الحاكمة في أبوظبي، يبرز اسم مارتين إيدلمان، المحامي الأمريكي البالغ من العمر 83 عامًا، الذي نجح في التغلغل في النخبة السياسية والاقتصادية للإمارة الخليجية الثرية، ليصبح حلقة وصل الإمارات في العالم الغربي، وكان مفتاح صفقات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الإمارات خلال جولته الخليجية.

إيدلمان، الذي يعرف بـ"رجل مانهاتن في أبو ظبي"، وفقا لوكالة بلومبيرغ الأمريكية، ولد في أسرة يهودية ليبرالية في ولاية نيويورك، وكان منزله يغص بالنقاشات حول العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. ودرس في جامعة برينستون٬ ثم أصبح أحد كتاب خطابات المدعي العام الأمريكي آنذاك روبرت كينيدي٬ مما وضعه على تماس مع إحدى أكثر العائلات نفوذاً في السياسة الأمريكية.

وبعد تخرّجه من كلية الحقوق بجامعة كولومبيا، التحق بالجيش الأمريكي وقضى ثلاث سنوات في الخدمة خلال حرب فيتنام. وعاد بعدها إلى نيويورك ليبدأ مسيرة قانونية٬ توّجها بصفقة إسكانية كبرى مع لاعب كرة البيسبول، جاكي روبنسون، ليصبح منذ ذلك الحين أحد أبرز المحامين في عالم العقارات في مدينة نيويورك.

من العراق إلى أبوظبي
في عام 2002، وبينما كان منخرطًا في جهود إنسانية لدعم قدامى المحاربين، تلقّى دعوة من الجنرال الأمريكي تومي فرانكس لمرافقته في جولة بالخليج العربي. 

وكانت زيارته لأبوظبي نقطة تحول، إذ سرعان ما نسج علاقات وثيقة مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرئيس الحالي لدولة الإمارات وشقيقه الشيخ طحنون، مستشار الأمن القومي، اللذين رأوا فيه وسيطًا مثاليًا بين ثقافات متعددة.

ورغم خلفيته اليهودية، رحّبت به القيادة الإماراتية، وعيّن مستشارًا خاصًا للدولة والعائلة الحاكمة، في سابقة نادرة لشخص أجنبي. حتى إنه حصل لاحقًا على جواز سفر إماراتي، وهي ميزة لا تُمنح إلا لأشخاص يتمتعون بأعلى درجات الثقة.


من مانشستر إلى الذكاء الاصطناعي
وكان إيدلمان في قلب الصفقة التاريخية عام 2008 لشراء نادي مانشستر سيتي الإنجليزي، إذ لعب دور الوسيط بين الشيخ منصور بن زايد ومستثمري كرة القدم في الغرب. 

كما كان له دور بارز في المفاوضات التي سبقت إنشاء فرع جامعة نيويورك في أبوظبي عام 2010، حيث وصفه خلدون المبارك، رئيس صندوق مبادلة، بأنه "الجسر" بين الطرفين.

في السنوات الأخيرة، عاد ليلعب دوراً محورياً في طموحات أبوظبي التكنولوجية، خاصة في سعيها لاقتناء شرائح شركة إنفيديا المتقدمة، في ظل شراكات متعددة مع شركات مثل G42 ومجموعة رويال المملوكة للشيخ طحنون.

التوازن بين واشنطن وأبوظبي
ومع تغير الإدارات الأمريكية، حافظ إيدلمان على موقعه الفريد كمبعوث غير رسمي بين الإمارات وواشنطن. فهو على علاقة وثيقة بعدد من كبار الشخصيات في الحزب الديمقراطي، مثل آل كينيدي وكلينتون وجورج سوروس، وفي الوقت ذاته يتمتع بعلاقة صداقة طويلة مع الرئيس دونالد ترامب، تعود إلى أيام ازدهار العقارات في نيويورك خلال الثمانينات والتسعينات.

هذا التنوع السياسي جعله شريكاً موثوقاً للطرفين، في وقت تسعى فيه أبوظبي إلى توسيع استثماراتها في مجالات حساسة مثل الذكاء الاصطناعي والرقائق الإلكترونية.

نفوذ واسع في مؤسسات كبرى
يشغل إيدلمان مناصب استشارية أو عضوية في مجالس إدارة عدة مؤسسات محورية في أبوظبي، من بينها مبادلة، G42، مانشستر سيتي، مجموعة رويال، وشركة MGX التي تمول مبادرة الذكاء الاصطناعي التي أطلقها ترامب بقيمة 100 مليار دولار. كما يرتبط بشركة GlobalFoundries، وهي أحد أكبر منتجي أشباه الموصلات في العالم.

ويقول ستيف ويتكوف، مستشار ترامب وصديق إيدلمان منذ ثلاثة عقود: "سر مارتي هو أنه محل ثقة الجميع. لا يُنظر إليه كمُتحيّز سياسيًا، بل كحلّال للمشاكل".

بين مجلس أبوظبي وقاعات مانهاتن
ولا تقتصر سياسة إيدلمان على تعدد العلاقات فقط، بل في قدرته على فهم تعقيدات الثقافة الإماراتية والانخراط في مجلسها التقليدي، بالتوازي مع تمرّسه في دهاليز السياسة الأمريكية. حيث يبدأ يومه في الرابعة والنصف صباحًا بسلسلة مكالمات وتمارين رياضية، ثم ينطلق إلى حلقة لا تنتهي من الاجتماعات والصفقات بين أبوظبي ومانهاتن في نيويورك.

وبينما تتوافد كبرى الشركات العالمية على أبوظبي، أملاً في النفاذ إلى ثروتها السيادية التي تقارب 1.7 تريليون دولار، أصبح إيدلمان حلقة الوصل، مستفيداً من علاقات نسجها قبل سنوات من طفرة الاهتمام بالإمارة.

مهد الطريق لترامب
ولعب إيدلمان دورا في محوريا في الزيارة الأخيرة التي قام الرئيس الأمريكي إلى الإمارات٬ حيث اتفقت أبو ظبي وواشنطن على وضع خطة مشتركة لتسريع التعاون في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بما يعزز الشراكة في التقنيات المتقدمة ويضمن حمايتها، وفقًا لما أوردته وكالة أنباء الإمارات الرسمية.

وبموجب الاتفاق، ستُقدم الولايات المتحدة تسهيلات تهدف إلى تعميق التعاون مع الإمارات، تشمل إنشاء مركز بيانات للذكاء الاصطناعي بسعة 1 جيجاوات، كجزء من مجمع إماراتي-أمريكي شامل لتقنيات الذكاء الاصطناعي في أبوظبي، تصل سعته الإجمالية إلى 5 جيجاوات.

وأوضحت الوكالة أن المشروع يهدف إلى تلبية الطلب الإقليمي المتزايد على خدمات الحوسبة، مع الالتزام بالمعايير الأمنية الأمريكية الصارمة، ودعم نشر البنية التحتية للذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول داخل الإمارات وعلى مستوى العالم.

كما أشارت الوكالة إلى أن الحكومتين الإماراتية والأمريكية ستعملان على تسهيل استثمارات المؤسسات الإماراتية في البنية التحتية الرقمية داخل الولايات المتحدة، ضمن برنامج "الإمارات للاستثمار في البنية التحتية الرقمية" في واشنطن.

ومن المقرر أن تُشكَّل مجموعة عمل ثنائية خلال 30 يومًا لمتابعة تنفيذ الاتفاق وتقييم التقدم المُحرز في بنوده.

وكانت العاصمة أبوظبي قد استضافت، في وقت سابق من أمس الجمعة، انطلاق حوار الأعمال الإماراتي-الأمريكي، برئاسة ولي عهد أبوظبي  خالد بن محمد بن زايد، وبمشاركة الرئيس الأمريكي  دونالد ترامب، وفق ما ذكرت وكالة "وام".