تتواصل التحقيقات في حادثة إطلاق النار التي وقعت مؤخرًا أمام المتحف
اليهودي في العاصمة الأمريكية
واشنطن، وأسفرت عن مقتل اثنين من موظفي
السفارة الإسرائيلية.
وتتعامل السلطات مع الحادث بوصفه "جريمة كراهية ذات دوافع إرهابية"، في وقت تتكشف فيه تدريجيًا معلومات جديدة حول هوية المشتبه به، إلياس
رودريغيز، والضحايا وظروف الحادثة.
وثّق الجريمة بالكاميرا
ووفقًا لمصادر أمنية نقلتها شبكة "سي إن إن"، فقد عُثر في حقيبة رودريغيز، الذي أوقف قرب موقع الجريمة، على جهاز تسجيل فيديو رقمي كان يرتديه أثناء تنفيذ الهجوم.
ويُراجع المحققون التسجيلات حاليا لتحديد ما إذا كان قد وثق تفاصيل الاعتداء بالصوت والصورة.
وقال مصدر أمني إن الدافع وراء استخدام الكاميرا لا يزال غير واضح، سواء أكان رودريغيز يخطط لبث الهجوم مباشرة أم لنشر التسجيل لاحقًا عبر الإنترنت.
ولم يُرصد حتى الآن أي مؤشر على تداول المقطع أو تحميله على أي منصة رقمية.
ويُذكر أن توثيق الهجمات عبر أجهزة مثل كاميرات "غو برو" بات ظاهرة متكررة بين منفذي عمليات القتل الجماعي في السنوات الأخيرة.
إطلاق نار متعمد من الخلف
وبحسب وثائق المحكمة، فقد كان رودريغيز قد اشترى تذكرة لحضور فعالية الدبلوماسيين اليهود قبل ثلاث ساعات من موعدها، وعند انتهائها مرّ بجانب الضحيتين، يارون ليشينسكي وسارة لين ميلغريم، ثم استدار نحوهما، واستلّ سلاحًا من حزامه، وأطلق النار عليهما عدة مرات من الخلف.
وبعد سقوطهما أرضًا، اقترب منهما مجددًا وأطلق عليهما النار من مسافة قريبة.
وقال شهود عيان لـ"سي إن إن" إن رودريغيز بقي في مكان الجريمة حتى وصول الشرطة، وصاح أمامها: "فعلت ذلك من أجل غزة"، وردد في لحظة توقيفه: "فلسطين حرة".
تأثر بـ"بوشنيل"
وأفاد مصدر مطلع بأن رودريغيز أعرب خلال التحقيق عن إعجابه بـ"آرون بوشنيل"، الجندي الأمريكي الذي أقدم في عام 2024 على إحراق نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن، في بث مباشر احتجاجًا على الحرب في غزة.
في المقابل، تدرس السلطات احتمال وجود طرف ثالث متورط، بعدما ظهر على الإنترنت بيان يشرح دوافع الهجوم بعد نحو ساعة من تنفيذه، وقبل أكثر من ساعتين من إعلان هوية المشتبه به، ما قد يشير إلى تنسيق مسبق أو مساعدة خارجية.
وأوضح مسؤول في جهات التحقيق أن أحد السيناريوهات المحتملة هو قيام رودريغيز بجدولة توقيت نشر البيان قبل التنفيذ، وهو ما لا تستبعده الأجهزة الأمنية.
ولا يزال رودريغيز، البالغ من العمر 31 عاما والمقيم في شيكاغو قيد الاحتجاز بانتظار محاكمته، ومن المقرر أن تُعقد الجلسة التالية في 18 حزيران/يونيو المقبل.
وقالت جانين بيرو، المدعية العامة المؤقتة في واشنطن، إن الوقت لا يزال مبكرًا للحديث عن سعي وزارة العدل إلى إنزال عقوبة الإعدام بالمتهم.
دبلوماسيان شابان على وشك إعلان خطبتهما
وكشفت تقارير إعلامية جديدة تفاصيل موسعة عن الضحيتين، يارون ليشينسكي (30 عامًا) وسارة لين ميلغريم (26 عامًا)، وهما موظفان في السفارة الإسرائيلية بواشنطن وكانا على وشك إعلان خطبتهما، بحسب ما أفاد والد سارة لموقع "أكسيوس".
وعمل ليشينسكي مساعدًا باحثًا في القسم السياسي بالسفارة منذ أيلول/سبتمبر 2022، بينما انضمت ميلغريم إلى القسم الإداري في تشرين الثاني/نوفمبر 2023.
وكانا قد غادرا لتوّهما فعالية سنوية للدبلوماسيين اليهود الشباب نُظمت في المتحف اليهودي، على بعد كيلومترين تقريبًا من البيت الأبيض، حين وقعت الجريمة.
وقالت شرطة واشنطن إن المشتبه به استخدم مسدسًا لإطلاق النار على أربعة أشخاص، وأصاب الموظفين الاثنين، ثم دخل المتحف وهتف "الحرية لفلسطين" قبل أن يعتقله أمن الموقع.
من هم القتلى؟
بحسب "أكسيوس"، يحمل يارون ليشينسكي الجنسيتين الإسرائيلية والألمانية، وقد ترعرع في ألمانيا ضمن عائلة يهودية مسيحية، قبل أن ينتقل للعيش في الأراضي المحتلة في سن السادسة عشرة.
وخدم ليشينسكي في جيش الاحتلال الإسرائيلي، ودرس العلاقات الدولية والشؤون الآسيوية في الجامعة العبرية بالقدس، ثم نال درجة الماجستير في الحوكمة والدبلوماسية من جامعة رايخمان.
وعمل لاحقًا ضابطًا في هيئة السكان والهجرة في القدس، وكان يحلم بأن يصبح دبلوماسيًا إسرائيليًا.
أما سارة ميلغريم، فقد نالت شهادة البكالوريوس في الدراسات البيئية من جامعة كانساس، ودرجتي ماجستير من جامعة السلام التابعة للأمم المتحدة والجامعة الأمريكية.
وعملت قبل التحاقها بالسفارة في مؤسسة "تك تو بيس" في تل أبيب، وركّزت في أبحاثها على دور الصداقة في بناء السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وكانت تستعد للسفر إلى الاحتلال الإسرائيلي خلال أيام للقاء عائلة ليشينسكي استعدادًا لخطوبتهما.
وبينما أعلنت وزارة العدل الأمريكية توجيه تهم إلى رودريغيز بقتل مسؤولين أجانب وارتكاب جرائم ذات طبيعة إرهابية.
وفي صورة نُسبت إلى نافذة شقته في شيكاغو، ظهرت لافتة تطالب بـ"العدالة لوديع"، في إشارة إلى الطفل الفلسطيني الأمريكي وديع الفيومي (6 أعوام) الذي قُتل طعنًا في خضم حملة كراهية على خلفية الحرب الإسرائيلية على غزة.