قضايا وآراء

عقيدة العدو في الحرب لم تتغير

موسى زايد
"الحرب كلما طالت باءت بالفشل وانتشر الفزع بين مستوطنيه وفقد العديد من جنوده وقياداته"- جيتي
"الحرب كلما طالت باءت بالفشل وانتشر الفزع بين مستوطنيه وفقد العديد من جنوده وقياداته"- جيتي
يريدها حربا خاطفة أياما معدودة، ويريدها في أرض أعدائه بعيدا عن مستوطنيه.. ولكن لماذا طالت الحرب إلى هذا المدى حتى لتكاد تنهي عامها الثاني ولا يبدو لها في الأفق نهاية؟ أليس هذا دليلا على أن العدو غير عقيدته القتالية؟

الجواب: لا لم يغير العدو عقيدته؛ لأن الحرب بالنسبة له كلما طالت باءت بالفشل وانتشر الفزع بين مستوطنيه وفقد العديد من جنوده وقياداته، وهو كيان لا يستطيع أن يعيش على الخوف ويهرب كل بضع ساعات إلى الملاجئ.

وللتذكير، يوم أعلن نتنياهو الحرب ووضع لها هذا السقف العالي من الأهداف، من تدمير المقاومة واحتلال القطاع وتفكيك القيادة السياسية والعسكرية في غزة واستعادة أسراه، حدد لذلك عدة أسابيع، ثم لما اصطدم بالمقاومة على الحدود قال إن النصر سيتحقق عندما يحتل مستشفى الشفاء، بزعم أنه تقبع في أنفاق تحته القيادات العسكرية والأسرى المحتجزين، ولما باء هناك بالفشل اندفع بنصف فرق جيشه إلى خان يونس، حيث هدم بيت السنوار.
أول حرب تجد فيه قيادة العدو نفسها في خطر إذا توقفت الحرب، وهذا ما كرره نتنياهو دائما: إن توقف الحرب يعني انتصار حماس. ورغم فشله المتكرر فإنه يتعمد التطويل في الحرب على حساب جيشه الذي يتفكك ومجتمعه الذي يزداد رعبا؛ لأنه يقدم مصلحته
ومرة أخرى يوحي إلى مستوطنيه أنها عدة أسابيع حتى يفكك ألوية المقاومة، ولما فشل رفع راية أخرى وهي: تحقيق النصر المطلق لا بد أن يُعلَن من رفح، حيث بقيت فقط ألوية رفح الأربعة، وعندما فشل في رفح قفز إلى خطة الجنرالات وبعدها قفز إلى عربات جدعون. الآن بعد قرابة 653 يوما لا يجد شيئا تحقق ليقدمه إلى جمهوره الخائف الجبان.

هذه الحرب طالت لأسباب كثيرة:

- أولها أنها أول حرب لا يكون للاحتلال فيها زمام المبادرة..

- وأنها أول حرب تدور على الأراضي التي احتلها وتهاجَم فيها مستعمراته وقواعده العسكرية وتقع تحت سيطرة المقاومة لساعات أو لأيام..

- وأنها أول حرب تبدأ بالقضاء على واحدة من أهم فرق النخبة في جيش الاحتلال وهي فرقة غزة..

- وأنها أول حرب تبدأ ويقع له فيها هذا القدر من الخسائر (تقريبا 1200 قتيل و250 من الأسرى)..

- وأنها أول حرب تبدأ بفشل مركب وهزيمة استراتيجية عسكرية واستخباراتية وأمنية..

- وأنها أول حرب يطلق فيها على كيانه قرابة 500 صاروخ من قطاع غزة في أول نصف ساعة..

- وأنها أول مرة يهان جيشه بهذا الشكل على أيدي رجال يستعملون الدراجات البخارية والطائرات الشراعية والسير على الأقدام..

العدو الآن يعض على جراحه ويزداد إجرامه مع النساء والأطفال والعزّل في غزة، وللأسف الأنظمة العربية لا تكتفي بخذلان المقاومة ولا بخذلان الشعب الفلسطيني، وإنما ترى مصلحتها في التماهي مع العدو

- وأنها أول حرب يراها الاحتلال تهديدا حقيقيا لوجود كيانه بعد أن فشلت نظرية الأمن ونظرية الجيش الذي لا يُقهر..

- وأنها أول حرب تجد فيه قيادة العدو نفسها في خطر إذا توقفت الحرب، وهذا ما كرره نتنياهو دائما: إن توقف الحرب يعني انتصار حماس. ورغم فشله المتكرر فإنه يتعمد التطويل في الحرب على حساب جيشه الذي يتفكك ومجتمعه الذي يزداد رعبا؛ لأنه يقدم مصلحته على مصلحة الكيان.

العدو الآن يعض على جراحه ويزداد إجرامه مع النساء والأطفال والعزّل في غزة، وللأسف الأنظمة العربية لا تكتفي بخذلان المقاومة ولا بخذلان الشعب الفلسطيني، وإنما ترى مصلحتها في التماهي مع العدو في تحقيق أهدافه.

والمقاومة تدرك هذا والشعب الفلسطيني يدرك هذا، وقدما الغالي والنفيس من المهج والأرواح، ولن يسمحا للعدو بتحقيق أي من أهدافه. بل كما هنا خسارة في الأنفس والأموال فهناك بوادر نهاية لهذا المشروع الخبيث ولكل من ارتبط به من الأنظمة، والعدو الآن بحاجة لوقف الحرب أكثر من حاجة المقاومة إليها، ولهذا يزداد سعاره، وهو السعار الذي يدل على استفحال المرض واليأس من الشفاء.
التعليقات (0)